للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ قال: وذلك أن طلحة بن عبيد الله قال:

لئن مات محمد لأتزوجن بعائشة فنزل: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً يعني: ولا أن تتزوجوا أزواجه من بعد وفاته أبداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً في العقوبة.

ويقال: إنما نهى عن ذلك لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة. وروي عن حذيفة أنه قال لامرأته: إن أردت أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها.

ولذلك حرم الله تعالى على أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلم أن يتزوجن بعده. وروي أن أم الدرداء قالت لأبي الدرداء عند موته إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحاك. وإني أخطبك إلى نفسي في الآخرة فقال لها فلا تنكحي بعدي، فخطبها معاوية بن أبي سفيان فأخبرته بالذي كان، وأبت أن تتزوجه. وروي في خبر آخر بخلاف هذا أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن المرأة منا كان لها زوجان لأيهما تكون في الآخرة؟ فقال: «إنَّهَا تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمَا خُلُقاً مَعَهَا» .

ثم قال: «يا أمَّ حَبِيبَةَ إنَّ حُسْنَ الخُلُقِ ذَهَبَ بالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» .

ثم قال عز وجل: إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ يعني: إن تظهروا من أمر التزويج شيئاً أو تسروه وتضمروه فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً من السر والعلانية. يعلم ما أعلنتم وما أخفيتم، يجازيكم به.

ثم خصّ الدخول على نساء ذوات محرم بغير حجاب فرخّص في ذلك وهو قوله عز وجل: لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ يعني: من الدخول عليهن وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ يعني: نساء أهل دينهن وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ من الخدم وَاتَّقِينَ اللَّهَ يعني: اخشين الله، وأطعن الله، فلا يراهن غير هؤلاء إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً يعني: عالما بأعمالهم.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٥٦ الى ٥٩]

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>