للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: يسلمون على الله تعالى، ويقال: تحيتهم لله تعالى بالسلام، كقوله تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب: ٤٤] وَآخِرُ دَعْواهُمْ، يعني: بعد ما رأوا من الكرامات وبعد ما أكلوا من الطعام، حمدوا الله تعالى على ما أعطاهم من الخير.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ١١ الى ١٢]

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢)

قوله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ، قال مقاتل: وذلك حين تمنى النضر بن الحارث السّهمي العذاب، فنزل قوله: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ يقول: لو استجيب لهم في الشر استعجالهم بالخير، يعني: كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير. لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ في الدنيا بالهلاك. وقال مجاهد والضحاك والكلبي: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ يعني: العقوبة، إذا دعا على نفسه وولده وعلى صاحبته: أخزاك الله، ولعنك الله، كما يعجل لهم الخير إذا دعوه بالرحمة والرزق والعافية، لماتوا وهلكوا. وقال القتبي: هذا من الإضمار ومعناه وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ، يعني: إجابتهم بالشر اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ، يعني: كإجابتهم بالخير. وإنَّما صار اسْتِعْجالَهُمْ نصباً على معنى مثل استعجالهم. قرأ ابن عامر لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ بالنصب، يعني: لقضى الله أجلهم، لأنه اتصل بقوله: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ، وقرأ الباقون لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ بالضم على معنى فعل ما لم يسم فاعله.

ثم قال: فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنا، يعني: بترك الذين لا يخافون البعث بعد الموت. فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ، يعني: يتحيرون ويترددون فيها مجازاة لهم.

قوله تعالى: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ يقول إذ مس الكافر ما يكره من المرض والفقر والبلاء، دَعانا يقول أخلص في الدعاء إلينا لِجَنْبِهِ، يعني: وهو مطروح على جنبه إذا اشتد به المرض، أَوْ قاعِداً إذا كانت العلة أهون، أَوْ قائِماً إذا بقي فيه أثر العلة. ويقال:

دعانا في الأحوال كلها مضطجعاً كان، أَوْ قَائِماً، أَوْ قَاعِداً. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ، يعني:

فلمّا رفعنا عنه بلاءه، مَرَّ يقول: استمر على ترك الدعاء ونسي الدعاء. ويقال: مَرَّ في العافية على ما كان عليه قبل أن يبتلى، ولم يتعظ بما ناله. كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ، يعني: إلى بلاء أصابه قبل ذلك فلم يشكره. ويقال: معناه أَمِنَ من أن يصيبه مثل الضر الذي دعا فيه حين مسّه كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ، يعني: المشركين مَا كانُوا يَعْمَلُونَ

، يعني: بالدعاء عند الشدة وترك الدعاء عند الرخاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>