للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ ابن عامر، وحمزة، وعاصم في رواية حفص يعقوب، بنصب الباء، وقرأ الباقون بالضم. فمن قرأ بالضم، فهو على معنى الابتداء، يعني: ويكون من وراء إسحاق، يَعْقُوبُ.

ومن قرأ بالنصب، فهو عطف على قوله: بِإِسْحاقَ فيكون في موضع خَفْضٌ، إلاّ أنّه لا ينصرف.

قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ يعني: عقيماً لم ألد قط، وقد كبرت في السن، وَهذا بَعْلِي شَيْخاً قال الكلبي: كانت سارة ابنة ثمان وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن تسع وتسعين سنة، أكبر منها بسنة. وقال الضحاك: كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة، وسارة بنت تسع وتسعين سنة، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أي: لأمر عجيب قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يعني:

من قدرة الله رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ يعني: نعمته وسعادته عليكم، أَهْلَ الْبَيْتِ يعني:

يا أهل البيت. ويقال: أَتَعْجَبِينَ أي: ألا تعلمين أن رحمة لله وبركاته عليكم أن يستخرج الأنبياء كلهم من هذا البيت؟ وقال السدي: أخذ جبريل عوداً من الأرض يابساً، فدلكه بين أصبعيه، فإِذا هو شجرة تهتز، فعرفت أنه من الله تعالى. ثم قال إِنَّهُ حَمِيدٌ في فعاله، ويقال:

حميد لأعمالكم، مَجِيدٌ يعني: شريفا.

[سورة هود (١١) : الآيات ٧٤ الى ٧٦]

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)

قوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ يعني: الفزع من الرسل وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بالولد، يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ يعني: يخاصم ويتشفع في قوم لوط. وكان لوط ابن أخيه، وهو لوط بن هازر بن آزر، وإبراهيم بن آزر، ويقال: ابن عمه، وسارة كانت أخت لوط. فلما سمعا بهلاك قوم لوط، اغتما لأجل لوط. وروى معمر، عن قتادة في قوله: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ قال لهم: أرأيتم لو كان فيهم من المسلمين خمسون، أتعذبونهم؟ قالوا: لا نعذبهم. قال:

أربعون؟ قالوا: ولا أربعون. قال: ثلاثون؟ قالوا ولا ثلاثون، حتى بلغوا عشرة. قال مقاتل:

فما زال ينقص خمسة خمسة، حتى انتهى إلى خمسة أبيات، يعني: لو كان فيها خمسة أبيات من المسلمين لم يعذبهم.

ثمّ قال: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ الأواه: الذي إذا ذكر الله تعالى تأوه. مُنِيبٌ:

أي راجع إليه بالتوبة.

وقد ذكرناه في سورة التوبة. ثم قال جبريل يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا يعني: اترك جدالك إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أي عذاب رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ يعني: غير مصروف عنهم.

ثم خرجوا من عند إبراهيم، متوجهين إلى قوم لوط، فانتهوا إليهم نصف النهار، فإذا هم

<<  <  ج: ص:  >  >>