جعله مصدر غسق يغسق غساقاً. أي: سال. وروي عن ابن عباس، وابن مسعود، أنهما قرءا غَسَّاقٌ بالتشديد، وفسراه بالزمهرير. وقال مقاتل: الغساق البارد الذي انتهى برده. وقال الكلبي: الحميم هو ماء حار قد انتهى حره. وأما غساق فهو الزمهرير يعني: برد يحرق كما تحرق النار وقال بعضهم: الغساق: المنتن بلفظ الطحاوية ثم قال عز وجل: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ يعني: وعذاب آخر من نحوه يعني: من نحو الحميم والزمهرير. قرأ أبو عمر، وابن كثير، في إحدى الروايتين وأخر مِن شَكْلِهِ بضم الألف. وقرأ الباقون: وَآخَرُ بالنصب فمن قرأ بالضم فهو لفظ الجماعة، ومعناه: وأنواع أخر ومن قرأ: وَأَخَّرَ بنصب الألف بلفظ الواحد، يعني: وعذاب آخر من شكله أي: مثل عذابه الأول أَزْواجٌ يعني: ألوان هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ يعني: جماعة داخلة معكم النار. يقال: اقتحم إذا دخل في المهالك، وأضلوا الدخول. تقول الخزنة للقادة: وهذه جماعة داخلة معكم النار، وهم الأتباع لاَ مَرْحَباً بِهِمْ يعني: لا وسع الله لهم إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ يعني: داخل النار معكم فردت الأتباع على القادة قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ يعني: لا وسع الله عليكم أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا يعني: أسلفتموه لنا، وبدأتم بالكفر قبلنا، فاتبعناكم فَبِئْسَ الْقَرارُ يعني: بئس موضع القرار في النار.
قوله عز وجل: قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا الأمر هذا الذي كنا فيه فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ وَقالُوا مَا لَنا لاَ نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ يعني: فقراء المسلمين.
قوله عز وجل: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا قرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو، سِخْرِيّاً أتخذناهم بالوصل. وقرأ الباقون: بالقطع فمن قرأ بالقطع، فهو على معنى الاستفهام بدليل قوله: أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ لأن أَمْ تدل على الاستفهام. ومن قرأ: بالوصل، فمعناه:
أنا أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا وجعل أَمْ بمعنى بل. وقرأ حمزة والكسائي ونافع سِخْرِيًّا بضم السين. وقرأ الباقون بالكسر. قال القتبي: فمن قرأ بالضم، جعله من السخرة. يعني:
تستذلهم. ومن قرأ بالكسر فمعناه إنا كنا نسخر منهم.
ثم قال: أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ يعني: مالت، وحادت أبصارنا عنهم، فلا نراهم.
قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ يعني: يتكلم به أهل النار ويتخاصمون فيما بينهم.