الكتاب لَوْ يَرُدُّونَكُمْ، أي يصدونكم ويردونكم عن التوحيد مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً إلى الكفر.
ثم أخبر أن هذا القول لم يكن منهم على وجه النصيحة، ولكن ذلك القول كان حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ما في التوراة أَنَّهُ الْحَقُّ، يعني إن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق، فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا، أي: اتركوهم وأعرضوا عنهم حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ، يعني الأمر بالقتال وكان ذلك قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب، ثم أمرهم بعد ذلك بالقتال، وهو قوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ- إلى قوله- مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ [التوبة: ٢٩] . إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من النصرة للمسلمين على الكفار. ويقال: هو قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير.
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، أي أقروا بالصلاة وأدوها في مواقيتها بركوعها وسجودها وخشوعها، وَآتُوا الزَّكاةَ، أي وأعطوا الزكاة المفروضة وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ، أي ما تصدقتم من صدقة وعملتم من العمل الصالح، تجدوه عند الله محفوظاً يجزيكم به. ونظير هذا ما قال في آية أخرى يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران: ٣٠] ، وقال في آية أخرى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزلزلة: ٧] . وروي أنه مكتوب في بعض الكتب: يا بني آدم، ضع كنزك عندي لا سرق ولا حرق ولا فساد، تجده حين تكون أحوج إليه. ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، يعني عالم بأعمالكم يجازيكم بالخير خيراً وبالشر شراً.
وَقالُوا، يعني اليهود والنصارى وهم يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران. لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى واليهود جماعة الهائد، وإنما أراد به اليهود. وهذا من جوامع الكلم وهذا كلام على وجه الاختصار، فكأنه يقول: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة