للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْبُدُونَ

يعني: ما كانوا يأمرونا بعبادة الآلهة وَقِيلَ للكفار ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ يعني آلهتكم التي تعبدون من دون الله فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ.

يقول الله عز وجل: وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ يعني: يودون لو أنهم كانوا مهتدين في الدنيا. ويقال: يودون أن لم يكونوا اتبعوهم. فدعوهم فلم يستجيبوا لهم، أي: لم يجيبوهم بحجة تنفعهم فيودون أنهم لم يعبدوهم لما رأوا العذاب.

ثم قال عز وجل: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يعني: يسألهم يوم القيامة فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ في التوحيد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يعني: ألبست عليهم الحجج يَوْمَئِذٍ من الهول فَهُمْ لاَ يَتَساءَلُونَ يعني: لا يسأل بعضهم بعضاً عما يحتجون به، رجاء أن يكون عنده من الحجة ما لم يكن عند غيره، لأن الله تعالى أدحض حجتهم، وفي الدنيا إذا اشتبهت عليه الحجة، ربما يسأل عن غيره، فيلقنه الحجة، وفي الآخرة آيس من ذلك.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٧ الى ٧٥]

فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١)

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)

ثم قال عز وجل: فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ يعني: من الشرك وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين الله تعالى فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ أي: من الناجين الفائزين بالخير.

قوله عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ وذلك أن الوليد بن المغيرة كان يقول:

لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: ٣١] يعني به نفسه وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف فقال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ للرسالة من يشاء مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ يعني: ليس الخيار إليهم. ويقال: هو ربك يخلق ما يشاء، ويختار لهم ما يشاء، مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، أي ما كان لهم طلب الخيار، والأفضل. ويقال: ما كان لبعضهم على بعض فضل، والله تعالى هو الذي يختار. وقال الزجاج: الوقف على قوله وَيَخْتارُ. والمعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>