للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَامٍ وَسِتِّمائَةِ عَامٍ عَلَى ورقة آس، ثُمَّ وَضَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ ثُمَّ نَادَى: يا أمَّةَ مُحَمَّدٍ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، أعطيتكم قبل أن تسألوني وَغَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أنْ تَسْتَغْفِرُونِي، فَمَنْ لَقِيَنِي مِنْكُمْ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ أَدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ «١» -.

ثم قال: وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يعني: القرآن نعمة من ربك حيث اختصصت به.

نصب رَحْمَةً لأن معناه: فعلنا ذلك للرحمة، كقوله: فعلت ذلك ابتغاء الخير، يعني: لابتغاء الخير. ثم قال: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّا أَتاهُمْ يعني: لم يأتهم مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ يعني: لم يأتهم رسول من قبلك، وهم أهل مكة لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعني: لكي يتعظوا.

قوله عز وجل: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ يعني: عقوبة ونقمة، وفي الآية تقديم ومعناها: لولا أن يقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا، فنتبع آياتك، ونكون من المؤمنين، لعذبوا في الدنيا ولأصابتهم مُّصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وهذا هو قول مقاتل. ويقال: معناه لولا أن يصيبهم عذاب فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لعذبوا في الدنيا، فيكون جوابه مضمراً. ويقال: معناه لو إني أهلكتهم قبل إرسالي إليك، لقالوا يوم القيامة: رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ يقول: لولا ذلك لم نحتج إلى إرسال الرسل، فأرسلناك لكي لا يكون لهم حجة عليّ.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]

فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)

ثم قال عز وجل: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا يعني: الكتاب أو الرسل قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسى من قبل يعني: هلا أعطي محمد صلّى الله عليه وسلّم القرآن جملة واحدة، كما أعطي موسى التوراة جملة.

يقول الله تعالى: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ يعني: بالتوراة، فقد كفروا بآيات موسى، كما كفروا بآيات محمد صلّى الله عليه وسلّم قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا يعني: تعاونا. وذلك أن أهل مكة سألوا اليهود عنه فأخبروهم أنهم يجدون في كتبهم نعته وصفته، فأمروهم بأن يسألوه عن أشياء، فلما أجابهم قالوا: سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ يعني: جاحدين.

قرأ حمزة والكسائي وعاصم سِحْرانِ بغير ألف، عنوا محمداً وموسى عليهما السلام ويقال:

التوراة والفرقان. ويقال: التوراة والإنجيل. وقرأ الباقون بالألف ساحران عنوا محمدا


(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>