ملك. روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ: «وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَّلِكٌ» : يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً وكان ابن مسعود يقرأ أيضاً: «كل سفينة صالحة غصباً» . أَي: كل سفينة بغير عيب. وكان اسم الملك جلندى، يعني: أنها لو كانت بغير عيب أخذها الملك، فإذا كانت مع العيب تبقى للمساكين.
قال الفقيه أبو الليث: فيه دليل أن للوصي أن ينقض مال اليتيم إذا رأى فيه صلاحاً، وهو أنه لو كانت له دار نفيسة، فخاف أن يطمع فيها بعض السلاطين، فأراد أن يخرب بعضها ليبقيها لليتيم جاز. وروي عن أبي يوسف: أنه كان يجيز مصانعة الوصي في مال اليتيم، وهو يدفع من ماله شيئاً إلى السلطان ليدفعه عن بقية ماله.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٨٠ الى ٨٢]
وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢)
ثم قال وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما، أي يقول: يكلفهما طُغْياناً وَكُفْراً، يقول: تمادياً وإثماً ومعصية. فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما قرأ نافع وأبو عمرو يُبْدِلَهُما بتشديد الدال، وقرأ الباقون بالتخفيف، ومعناهما واحد. يقال: بدل وأبدل بمعنى واحد أي:
يعطيهما ولداً غير هذا الولد رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ، أي أفضل. زَكاةً، أي ولداً صالحاً.
وَأَقْرَبَ رُحْماً، أي أوصل رحماً، ويقال: رحماً. ويقال: أقرب رحمة وعطفاً عليهما. قال الكلبي: فولدت امرأته جارية فتزوجها نبي من الأنبياء، فهدى الله على يده أمة من الأمم.
ثمّ قال: وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ أحدهما أصرم والآخر صريم، وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما قال الكلبي: أي مالا لهما، وقال مقاتل ومجاهد: كل شيء في القرآن من كنز فهو مال غير هاهنا، فإنه الصحف التي فيها علم. وقال الضحاك: كَنْزٌ لَهُما أي علم لهما.
قال الفقيه: حدّثني أبي بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وجد تحت الجدار الذي قال الله تعالى وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما لوح من ذهب والذهب لا يصدأ ولا ينقص مكتوب فيه بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، عجبت لمن يوقن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يوقن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يوقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد، رسول الله» . روي عن ابن عباس أنه قال: «كان في اللوح خمس كلمات» ، وذكر نحوه.
قوله: وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ذا أمانة واسمه كاشح، فحفظا بصلاح أبيها ولم يذكر منهما