ثم ذكر القيامة فقال: فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ يعني: الصيحة تصخ الأسماع أي: تصمها فلا يسمع إلا ما يدعا به ويقال الصاخة اسم من أسماء يوم القيامة وكذلك الطامة والقارعة والحاقة ثم وصف ذلك اليوم فقال: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وفراره أنه يعرض عنه بنفسه وقال شهر بن حوشب يوم يفر المرء من أخيه يعني: هو هابيل يفر من أخيه قابيل وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ يعني: محمدا صلّى الله عليه وسلم من أمه وأبيه وإبراهيم من أبيه وَصاحِبَتِهِ يعني: لوط- عليه السلام- من امرأته وَبَنِيهِ يعني: نوح- عليه السلام- من ابنه، ويقال هذا في بعض أحوال يوم القيامة أن كل واحد منهم يشتغل بنفسه يعني: فلا ينظر المرء إلى أخيه وإلى أبيه وإلى ابنه ثم قال تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يعني لكل إنسان شغل يشغله عن هؤلاء، وروي في الخبر أن عائشة- رضي الله عنها- قالت يا رسول الله كيف يحشر الناس قال:«حُفَاة عُرَاة» فقالت عائشة- رضي الله عنها- وا سوأتاه النساء مع الرجال حفاة عراة فقرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذه الآية لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ يعني: لكل واحد منهم عمل يشغله بنفسه عن غيره ثم قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ يعني: من الوجوه ما يكون في ذلك اليوم مشرقة مضيئة ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ يعني: مفرحة بالثواب وهم المؤمنون المطيعون وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ يعني: من الوجوه ما يعلوها السواد كالدخان وأصل الغبرة يعني: الغبار ثم قال عز وجل: تَرْهَقُها قَتَرَةٌ يعني: تلحقها قترة يعني: يغشاها الكسوف والسواد أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ يعني: أن أهل هذه الصفة هم الكفرة بالله تعالى الكذبة على الله تعالى ويقال ترهقها قترة يعني: المذلة والكآبة والفجرة يعني: الظلمة. والله الموفق بمنه وصلى الله على سيدنا محمد وآله.