للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم اثني عشر ذراعاً. وقال في رواية الكلبي: كان طول كل واحد منهم سبعين ذراعا، فاستهزءوا حين ذكر لهم الريح، فخرجوا إلى الفضاء، فضربوا بأرجلهم، وغيبوها في الأرض إلى قريب من ركبهم، فقالوا: قل للريح حتى ترفعنا، فجاءت الريح فدخلت تحت الأرض، وجعلت ترفع كل اثنين، وتضرب أحدهما على الآخر بعد ما ترفعهما في الهواء، ثم تلقيه في الأرض، والباقون ينظرون إليهم حتى رفعتهم كلهم، ثم رمت بالرمل والتراب عليهم، وكان يسمع أنينهم من تحت التراب كذا وكذا يوما.

[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢١ الى ٣١]

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠)

إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)

قال الله تعالى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ وقد ذكرناه كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ يعني: صالحاً حين أتاهم فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً يعني: خلقاً مثلنا نَتَّبِعُهُ في أمره إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يعني: إنا إذا فعلنا ذلك لَفِي خطأ وعناء. وقال الزجاج: يعني: إنا إذا فعلنا ذلك لَفِي ضَلالٍ وجنون. وهذا كما يقال: ناقة مسعورة إذا كان بها جنون. ويجوز أن يكون وَسُعُرٍ جمع في معنى العذاب.

ثم قال عز وجل: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا يعني: اختص بالنبوة، والرسالة من بيننا، بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ يعني: كاذباً على الله أَشِرٌ يعني: بطرا متكبرا.

قوله عز وجل: حدّثنا سَيَعْلَمُونَ غَداً قرأ ابن عامر، وحمزة ستعلمون بالتاء على معنى المخاطبة. يعني: أن صالحاً قال لهم ستعلمون غَداً والباقون: بالياء على معنى الخبر عنهم من الله تعالى لمحمد صلّى الله عليه وسلم أنهم يعلمون غداً يعني: يوم القيامة مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ أهم، أم صالح؟ ومعناه: أنه يتبين لهم أنهم هم الكاذبون، وكان صالحاً صادقاً في مقالته.

ثم قال: إِنَّا مُرْسِلُوا يعني: نخرج لهم النَّاقَةِ وذلك حين سألوا صالحاً بأن يُخْرِجَ لَهُمْ نَاقَةً مِنَ الحجر، فدعا صالح ربه، فأوحى الله تعالى إليه أني مخرج الناقة فِتْنَةً يعني:

بلية لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ يعني: انتظر هلاكهم وَاصْطَبِرْ على الإيذاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>