إلى تحت الصخرة. ويقال: حين عرج به إلى السماء، فنظر إلى عجائب السموات. وروي عن عطاء أنه قال: لما رفع إبراهيم في ملكوت السماوات، أشرف على عبد يزني فدعا عليه، فهلك. ثم أشرف على آخر يزني فدعا عليه، فهلك. ثم رأى آخر فأراد أن يدعو عليه، فقال له ربه عز وجل: على رِسْلِك يا إبراهيم، فإنك مستجاب لك، وإني من عبدي على إحدى ثلاث خلال: إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أُخرِج منه ذرية طيبة، وإما أن يتمادى فيما هو فيه، فأنا من ورائه أي أنا قادر عليه.
وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السموات، رأى عَبْداً على فاحشة، فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة، فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه، قال الله تعالى: أنْزِلوا عبدي كي لا يهلك عبادي. ويقال: إنه كان يقول: أنا أرحم الخلق. فلما رأى المعصية فدعا عليهم، قال الله تعالى: إِنَّا أرحم بعبادي منك، اهبط لعلّهم يرجعون. ويقال إن نمرود بن كنعان قالت له كهنته: يولد في هذه السنة غلام ينازعك في ملكك، فأمر بذبح كل غلام يولد في تلك السنة. ويقال: رأى في المنام، أن كبشاً دخل عليه، فنطح سريره بقرنه، فسأل المعبِّرين فأخبروه، أنه يولد غلام ينازعك في ملكك. فأمر بذبح كل غلام يولد. فحملت أم إبراهيم بإبراهيم، ولم يتبيّن حملها، ولم يعرف أحد أنها حامل، حتى أخذها الطَّلْق فخرَّت إلى جبل من الجبال، ودخلت في غار فولدت إبراهيم.
وخرجت ووضعت صخرة على باب الغار. فجاءه جبريل- عليه السلام- ووضع إبهامه في فمه، وكان يمصه ويخرج منه اللبن، وكان يجعل سبّابته في فمه فيمصها، ويخرج منها العسل.
حتى كبر وأدرك في أيام قليلة. ويقال: إن أمه كانت تختلف إليه وترضعه حتى أرضعته سنتين، وتحمل إليه الطعام حتى أدرك في المدة التي يدرك فيها الصبيان فخرج من الغار فنظر إلى السماء، وإلى الأرض، وإلى الجبال، فتفكَر في نفسه ثم قال: إِنَّ لهذه الأشياء خالقاً خلقها.
والذي خلق هذه الأشياء هو الذي خلقني فذلك قوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ وكان في ذلك التفكير إذا نظر إلى نجم يضيء وهو المشتري، فرآه أضوَأ الكواكب. وقد علم أن الله تعالى أعلى الأشياء ولا يشبهه شيء من خلقه. ورأى الكواكب أعلى الأشياء وكان أحسنها.