للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٨٦ الى ٨٨]

وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)

ثم قال عز وجل: وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ يعني: أن ينزل عليك القرآن إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يعني: إلا كان الكتاب رَحْمَةً مّن رَّبّكَ. ويقال: في الآية تقديم، ومعناه:

إن الذى فرض عليك القرآن يعني: جعلك نبياً، ينزل عليك القرآن، وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبياً بوحي إليك، لرادك إلى معاد، إلى مكة ظاهراً قاهراً. ويقال: إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ يعني: لكن دين ربك رحمة، واختارك لنبوته، وأنزل عليك الوحي.

ثم قال: فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ يعني: عوناً للكافرين حين دعوه إلى دين آبائه.

ثم قال عز وجل: وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ يعني: لا يصرفنك عن القرآن والتوحيد بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ يعني: بعد ما أنزل إليك جبريل عليه السلام بالقرآن وَادْعُ إِلى رَبِّكَ يعني: ادع الخلق إلى توحيد ربك وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يعني: لا تكونن مع المشركين على دينهم قوله عز وجل: وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ أي: لا تعبد غير الله.

ثم وحد الربّ نفسه فقال: لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني: لا خالق ولا رازق غيره كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ يعني: كل عمل هالك لا ثواب له إلا ما يراد به وجه الله عز وجل. ويقال:

كل شيء متغير إلا ملكه، فإن ملكه لا يتغير، ولا يزول إلى غيره أبداً لَهُ الْحُكْمُ يعني: له القضاء، وله نفاذ الحكم يحكم ما يريد وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يعني: إليه المرجع في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم- وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من قرأ سُورَةَ القَصَصِ كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ بِعَدَدِ مَنْ صدق موسى وكذبه، وَلَمْ يَبْقَ مَلَكٌ فِي السموات وَالأرْضِ إلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، أنَّهُ كَانَ صَادِقاً فِي قَوْلِهِ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «١» - صَدَقَ الله جَلَّ رَبُّنا، وَهُوَ أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ، وَصَدَقَ رُسُلُهُ قَوْلُهُ صِدْقٌ وَوَعْدُهُ حقّ «٢» - والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَحَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ، ولاَ حَوْلَ ولا قوة إلا بالله «٣» -.


(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ» .
(٢) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «ب» .
(٣) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>