وروى أبو أسامة عن عوف قال: قلت لابن سيرين، «ما القلب السليم؟ قال: أن تعلم أن الله عز وجل حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من فى القبور» ، ويقال: سليم من اعتقاد الباطل. ويقال: سليم من النفاق والهوى والبدعة. وسئل أبو القاسم الحكيم عن القلب السليم، فقال: له ثلاث علامات، أولها: أن لا يؤذي أحداً، والثاني: أن لا يتأذى من أحد، والثالث: إذا اصطنع معروفا إلى أحد لم يتوقع منه المكافأة، فإذا هو لم يؤذ أحداً، فقد جاء بالورع، وإذا لم يتأذ من أحد، فقد جاء بالوفاء، وإذا لم يتوقع المكافأة بالاصطناع، فقد جاء بالإخلاص.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٩٠ الى ١٠١]
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤)
وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨) وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩)
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)
ثم قال عز وجل: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ يعني: قربت الجنة للمتقين الذين يتقون الشرك والفواحش، يعني: أن المتقين قربوا من الجنة.
ثم قال: وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ يعني: والجحيم أظهرت، وكشفت غطاءها لِلْغاوِينَ يعني: للكافرين. ويقال: يؤتى بها في سبعين ألف زمام وَقِيلَ لَهُمْ يعني: للكفار أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ يعني: أين معبودكم الذين كنتم تعبدون من دون الله هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ يعني: هل يمنعونكم من العذاب؟ أَوْ يَنْتَصِرُونَ يعني: هل يمتنعون من العذاب؟ فاعترفوا أنهم لا ينصرونهم، ولا ينتصرون، فأمر بهم في النار. ويقال: أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الشياطين، لأنهم أطاعوها في المعصية، فكأنهم عبدوها.
قوله عز وجل: فَكُبْكِبُوا فِيها يعني: جمعوا فيها هُمْ وَالْغاوُونَ. ويقال: فَكُبْكِبُوا فِيها فقذفوا من النار، هُمْ وَالْغاوُونَ يعني: الكفار والآلهة، والشياطين الذين أغووا بني آدم، وهذا قول مقاتل. ويقال: فَكُبْكِبُوا فِيها يعني: ألقي بعضهم على بعض. وقال القتبي:
الأصل كببوا، أي ألقوا على رؤوسهم فيها، فأبدلت مكان إحدى الباءين كاف. وقال الزجاج:
هو تكرير الانكباب، لأنه إذا ألقي ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر فيها. ويقال: جمعوا فيها، ومنه حديث جبريل عليه السلام «أنه ينزل في كبكبة من الملائكة» . يعني: جماعة من الملائكة عليهم السلام.
ثم قال عز وجل: وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ يعني: جمعوا فيها جميعاً قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ- يعني: الكفار والأصنام. ويقال: الكفار والشياطين ويقال: الرؤساء والأتباع.