منه. فصدق عليهم ظنه. فإن قيل في آية أخرى: إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ [النحل: ١٠٠] وهاهنا يقول: وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ قيل له: أراد بالسلطان هناك الحجة يعني: إنما حجته على الذين يتولونه. وهاهنا أراد به الملك والقهر يعني: لم يكن له عليهم ملك يقهرهم به. ويقال: معنى الآيتين واحد. لأن هناك قال: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سلطان على الذين آمنوا. وهاهنا قال: وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان يعني: حجة على فريق من المؤمنين إلا بالتزيين والوسوسة منه.
إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ يعني: نميز من يصدق بالبعث ممن هو في شك. يعني: من قيام الساعة. وقال القتبي: علم الله نوعان: أحدهما علم ما يكون من إيمان المؤمنين. وكفر الكافرين من قبل أن يكون. وهذا علم لا يجب به حجة، ولا عقوبة، والآخر علم الأمور الظاهرة. فيحق به القول، ويقع بوقوعها الجزاء. يعني: ما سلطانه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمنين ظاهراً موجوداً، وكفر الكافرين ظاهراً موجوداً. وكذلك قوله: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ [آل عمران: ١٤٢] الآية.
ثم قال عز وجل: وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ يعني: عالماً بالشك واليقين. ويقال:
عالم بقولهم. ويقال: عالم بما يكون منهم قبل كونه. ويقال: حفيظ يحفظ أعمالهم ليجازيهم.
ثم قال عز وجل: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ يعني: قل لكفار مكة ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أنهم آلهة فيكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم من الجوع. يعني:
الأصنام. ويقال: الملائكة- عليهم السلام-. لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ يعني: نملة صغيرة فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ يعني: إذا كان حالهم هذا، فمن أين جعلوا لهم الشركة في العبادة.
ثم قال: وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ يعني: في خلق السموات والأرض من عون.
ويقال: ما لهم فيها من نصيب وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ يعني: معين من الملائكة الذين يعبدونهم.
ثم ذكر أن الملائكة لا يملكون شيئاً من الشفاعة فقال عز وجل: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ