للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونِ اللَّهِ

يعني: عيسى، مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ يقول: ما لا يقدر لكم، ضَرًّا في الدنيا وَلا نَفْعاً في الآخرة: وتركتم عبادة الله، وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لقولكم، الْعَلِيمُ بعقوبتكم.

وقوله تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ يقول: لا تجاوزوا الحد، والغلو: هو الإفراط والاعتداء. ويقال: لا تتعمقوا.

ثم قال: وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ وهم الرؤساء من أهل الكتاب، يعني: لا تتّبعوا شهواتهم، لأنهم آثروا الشهوات على البيان والبرهان، قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وهم رؤساء النصارى ضلوا عن الهدى، وَأَضَلُّوا كَثِيراً من الناس، وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ يعني:

أخطئوا عن قصد الطريق. وقال مقاتل: نزلت في برصيصا العابد، فجاءه الشيطان فقال له: قد فضلك الله على أهل زمانك لكي تحل لهم الحرام، وتحرم عليهم الحلال، وتسن لهم سنة، ففعل فاتبعه الناس بذلك، ثم ندم على فعله. فعمد إلى سلسلة، فجعلها في ترقوته فعلق نفسه فجاءه ملك، فقال له: أنت تتوب فكيف لك من تابعك؟ فذلك قوله: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ وقوله تعالى:

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٨ الى ٨١]

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لاَ يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١)

لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ يعني: اليهود، عَلى لِسانِ داوُدَ وذلك أن الله تعالى مسخهم قردة، حيث اصطادوا السمك يوم السبت، وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يعني: وعلى لسان عيسى ابن مريم، حيث دعا عليهم، فمسخهم الله تعالى خنازير. ويقال: لعن الذين كفروا، أي: أُبعِدوا من رحمة الله، على لسان داود، وعيسى ابن مريم. وقال الزجاج: يحتمل معنيين: أحدهما أنهم مسخوا بلعنتهما، فجعلوا قردة وخنازير. وجائز أن يكون داود وعيسى لعنا من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، يعني: لعن الكفار الذين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>