كان على المقاسم. فقال لعبد الله بن أبي حدرد الأسلمي: يا أعرابي. فقال له عبد الله: يا يهودي. فأمرهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يدخلا عليه، حتى تظهر توبتهما، فنزل بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ يعني: بئس التسمية لإخوانكم بالكفر وهم مؤمنون وَمَنْ لَمْ يَتُبْ من قوله فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فأوثقا أنفسهما حتى قبلت توبتهما.
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ يعني: لا تحققوا الظن إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ يعني: معصية أي: إِنَّ ظن السوء بالمسلم معصية. وقال سفيان الثوري:
الظن ظنان. ظن فيه إثم، وظن لا إثم فيه. فالظن الذي فيه إثم، أن يظن ويتكلم به. وأما الظن الذي لا إثم فيه، فهو أن يظن، ولا يتكلم به، لأنه قال: إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولم يقل: جميع الظن إثم.
ثم قال: وَلا تَجَسَّسُوا يعني: لا تطلبوا، ولا تبحثوا عن عيب أخيكم وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً روى أسباط عن السدي قال: كان سلمان الفارسي في سفر مع ناس فيهم عمر، فنزلوا منزلاً، فضربوا خيامهم، وصنعوا طعامهم، ونام سلمان، فقال بعض القوم لبعض: ما يريد هذا العبد إلا أن يجد خياماً مضروبة، وطعاماً مصنوعاً، فلما استيقظ سلمان، قالوا له: انطلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والتمس لنا إداماً نأتدم به. فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال- عليه السلام-: «أَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ قَدِ ائْتَدَمُوا» . فأخبرهم. فقالوا: ما طعمنا بعد، وما كذب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فأتوه، فقال:«ائْتَدَمْتُمْ مِنْ صَاحِبِكُمْ، حِينَ قُلْتُمْ مَا قُلْتُمْ وَهُوَ نَائِمٌ» ، ثم قرأ:
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ يعني: فكما تكرهون أكل لحمه ميتاً، فكذلك اجتنبوا ذكره بالسوء وهو غائب. ويقال: كان سلمان في سفر مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان يطبخ لهما، فنزلوا منزلاً، فلم يجد ما يصلح لهم