للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: أَفَأَمِنْتُمْ يعني: إن عصيتموه أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ أي يغور بكم، جانِبَ الْبَرِّ، إلى الأرض السفلى. وقال مقاتل: يعني: ناحية من البر. أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً، أي حجارة من فوقكم كما أرسل على قوم لوط. ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا، أي مانعا يمنعكم.

قوله تعالى: أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ، أي البحر تارَةً أُخْرى، يعني: مرة أخرى.

فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ، أي ريحاً شديداً فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ بالله وبنعمه، ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً، أي من يتبعنا ويطالبنا بدمائكم، كقوله فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:

١٧٨] ، أي مطالبة حسنة. ويقال: يعني: ثائراً ولا ناصرا، ينتقم لكم مني. قرأ ابن كثير وأبو عمرو إِنَّ نَخْسِفْ بِكُمْ أَوْ نُرْسِلُ أن نعيدكم فنرسل عليكم فنغرقكم هذه الخمسة كلها بالنون، وقرأ الباقون كلها بالياء.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٠ الى ٧٢]

وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)

ثم قال تعالى وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بعقولهم. وقال الضحاك: كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بالعقل والتمييز. ويقال: إن الله تعالى خلق نبات الأرض والأشجار وجعل فيها، لأنه ينمو ويزداد بنفسه ما دام فيه الروح، فإذا يبس خرج منه وانقطع نماؤه وزيادته. وخلق الدواب وجعل لهن زيادة روح تطلب بها رزقها، وتسمع منه الصوت. وخلق بني آدم وجعل لهم زيادة روح، يعقلون بها ويميزون ويعلمون. وخلق الأنبياء وجعل لهم زيادة روح، يبصرون بها الملائكة ويأخذون بها الوحي ويعرفون أمر الآخرة.

ثم قال: وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي: حَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ على الرطوبة أي على ظهر الدواب، وفي البحر على اليبوسة وهي السفن وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ، أي: الحلال ويقال: من نبات الحبوب والفواكه والعسل، وجعل رزق البهائم التبن والشوك. وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا، يعني: على الجن والشياطين والبهائم. وروي عن ابن عباس أنه قال: «فضلوا على الخلائق كلهم غير طائفة من الملائكة: جبريل وميكاييل وإسرافيل وأشباههم منهم» ، وروي عن أبي هريرة أنه قال: «المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده» .

قوله عز وجل: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، أي: بكتابهم، ويقال بداعيهم الذي دعاهم في الدنيا إلى ضلالة أو هدى، يدعى إمامهم قبلهم وقال أبو العالية: بِإِمامِهِمْ أي

<<  <  ج: ص:  >  >>