الهاء والميم. فمن قرأ نِعَمَهُ بالجزم فهي نعمة واحدة وهي ما أعطاه الله من توحيده. ومن قرأ: نِعَمَهُ فهو على معنى جميع ما أنعم الله عز وجل عليهم.
ثم قال: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ يعني: يخاصم في دين الله عز وجل بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني: بغير حجة وهو النضر بن الحارث وَلا هُدىً أي: بغير بيان من الله عز وجل وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أي: مضيئا فيه حجة.
قوله عز وجل: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ يعني: لكفار مكة اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على نبيه من القرآن، فآمنوا به، وأحلّوا حلاله، وحرموا حرامه قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا يقول الله عز وجل أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يعني: أو ليس الشيطان يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ يعني: يدعوهم إلى تقليد آبائهم بغير حجة، فيصيروا إلى عذاب السعير.
قوله عز وجل: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ أي: يخلص دينه. ويقال: يخلص عمله لله وَهُوَ مُحْسِنٌ يعني: موحد. ويقال: ذكر الوجه، وأراد به هو. يعني: ومن أخلص نفسه لله عز وجل بالتوحيد، وبأعمال نفسه، وَهُوَ مُحْسِنٌ في عمله. قرأ عبد الرحمن السّلمي: وَمَنْ يُسْلِمْ بنصب السين، وتشديد اللام من سلم يسلم. وقراءة العامة وَمَنْ يُسْلِمْ بجزم السين وتخفيف اللام من سلم يسلم فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى يعني: قد أخذ بالثقة وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ يعني: إليه مرجع وعواقب الأمور. ويقال: العباد إليه فيجازيهم بأعمالهم.
قوله عز وجل: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ وذلك أنهم لما كذبوا بالقرآن وقالوا: إنه يقول من تلقاء نفسه، شقّ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فنزل وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ بالقرآن إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ يعني: إلينا مصيرهم فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يعني: يجازيهم بجحودهم