قول الله سبحانه وتعالى: طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ يعني: هذه الأحكام، ويقال: تلك الآيات التي وعدتم بها، وذلك أنهم وعدوا بالقرآن في كتبهم. ويقال: آياتُ يعني: العلامات ويقال: جميع أحرف القرآن وَكِتابٍ مُبِينٍ كلاهما واحد، وإنما كرر اللفظ للتأكيد مُبِينٍ يعني: بيّن ما فيه من أمره ونهيه. ويقال: مبين لأحكام الحلال والحرام.
ثم قال: هُدىً يعني: القرآن هدى وبياناً من الضلالة لمن عمل به. ويقال هُدىً يعني: هادياً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ يعني: ما فيه من الثواب للمؤمنين. قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وَبُشْرى بإمالة الراء، وقرأ الباقون بالتفخيم، وكلاهما جائز، والإمالة أكثر في كلام العرب، والتفخيم أفصح، وهي لغة أهل الحجاز لِلْمُؤْمِنِينَ، يعني: للمصدقين بالقرآن أنه من الله تعالى.
ثم نعتهم فقال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ يعني: يقرون بها ويتمونها وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعني: يقرون بها ويعطونها وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ يعني: يصدقون بأنها كائنة.
ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أي: لا يصدقون بالبعث بعد الموت زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ يعني: ضلالتهم عقوبة لهم ولما عملوا، ومجازاة لكفرهم زينا لهم سوء أعمالهم فَهُمْ يَعْمَهُونَ يعني: يترددون فيها، ويتحيرون في ضلالتهم.
قوله عز وجل: أُوْلئِكَ يعني: أهل هذه الصفة الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ يعني: شدة العذاب وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ يعني: الخاسرون بحرمان النجاة، والمنع من الحسنات. ويقال: هم أخسر من غيرهم. وقال أهل اللغة: متى ذكر الأخسر مع الألف واللام، فيجوز أن يراد به الأخسر من غيرهم. وإن لم يذكر غيرهم، وإن ذكر بغير ألف ولام، فلا يجوز أن يراد به أنه أخسر إلا أن يقال هو أخسر من فلان أو من غيره.