قال واحد منهم: كم لبثتم؟ فقال الثاني: لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يوم. فقال الثالث: ربكم أعلم بما لبثتم» . وروي عن ابن عباس أنه قال: «إنهم سبعة وذكر أسماءهم فقال: مكسلمينا وهو أكبرهم، وتمليخاً، ومطرونس، وسارينوس، ونوانس، وكفاشطهواس، وبطنبورسوس» . وذكر في رواية وهب أسماؤهم بخلاف هذا إلا تمليخا، فقد اتفقوا على اسمه. وقال ابن عباس: «كان اسم الكلب قطمير» وقال سعيد بن جبير: كان اسمه فرفدين ويقال: كان لونه خليج، ويقال: كان لونه غلبة بالفارسية ومعناه بالعربية أبلق، وقال بعض المحدثين: إن كلب أهل الكهف يكون معهم في الجنة، وقال بعضهم: يصير تراباً مثل سائر الحيوانات. وإنما الجنة للمؤمنين خاصة.
ثم قال عز وجل: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً قال قتادة: فَلا تُمارِ يقول:
حسبك ما أعلمناك من خبرهم. وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً، أي لا تَسألْ عن أصحاب الكهف من النصارى أحداً. وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ أردت أن أفعله إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، يعني: إلا أن تستثني فتقول: إن شاء الله. وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ، يعني: إذا نسيت الاستثناء، فاذكرها بعد ما ذكرت واستثن، وهذا في غير اليمين. وأما في اليمين، فاتفق الفقهاء من أهل الفتوى أن الاستثناء لا يكون موصولاً إلا رواية عن ابن عباس، روى عنه مجاهد قال:
«يستثني الرجل في يمينه متى ذكر» . ثم قرأ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وهذه الرواية غير مأخوذة.
وروى أبو هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كَانَ لِسُلَيْمَانَ بنِ دَاودَ مِائةُ امْرأَة، فَقَالَ:
لأَطُوفَنَّ اللَّيلةَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعاً وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَأْتِي بِغُلاَمٍ يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ الله، وَنَسِيَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ شَاءَ الله، فَلَمْ تَأْتِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِشَيْءٍ، إِلاَّ امْرأَةٌ وَاحِدَةٌ أَتَتْ بِشِقِّ غُلامٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ الله، لَوُلِدَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ دَركاً له فِيْ حَاجَتِهِ» .
ثم قال تعالى: وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي، أي: يرشدني لِأَقْرَبَ، أي: لأسرع مِنْ هذا الميعاد الذي وعدت لكم، رَشَداً أي صواباً، وهذا قول مقاتل. وقال الزجاج:
معناه عسى ربي أن يعطيني من الآيات والدلائل على النبوة ما يكون أقرب في الرشد وأدل على قصة أصحاب الكهف. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو أَنْ يَهْدِيَنِي بالياء عند الوصل، وقرأ الباقون بحذف الياء.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦)
قال تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قالت النصارى: أمّا ثلاثمائة فقد عرفنا، وأمّا تسعا فلا علم لنا فيه، فنزل وَازْدَادُوا تِسْعاً قرأ حمزة والكسائي ثَلاثَ مِائَةٍ بكسر الهاء بغير تنوين على معنى الإضافة، وقرأ الباقون بالتنوين. لَهُ غَيْبُ