قوله عز وجل: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ يعني: لتؤتى بالقرآن، يعني: كقوله وَما يُلَقَّاها [فصلت: ٣٥] يعني: وما يؤتي بها. ويقال: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ يعني: لتلقن القرآن. وقال أهل اللغة: تلقى وتلقن بمعنى واحد إذا أخذ وَقُبِلَ من غيره. ويقال وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ، أي يلقى إليك القرآن وحيا من الله عز وجل. ثم قال: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ يعني: نزل عليك جبريل من عند حَكِيمٍ عليم في أمره، عَلِيمٍ بأعمال الخلق.
قوله عز وجل: إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ قال بعضهم: معناه إنه عليم بما ينزل عليك، كعلمه بقول موسى عليه السلام. ويقال: حكمت لك بالنبوة، كما حكمت لموسى، إذ قال لأهله: إِنِّي آنَسْتُ نَاراً يعني: رأيت نارا وأبصرتها من بعيد سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ يعني: خبر الطريق أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ يعني: بنار أصيبها ويقال: كل أبيض ذي نور فهو شهاب، والقبس: كل ما يقتبس من النار، والقبس: يعني المقبوس. كما يقال: ضرب فلان، يعني:
مضروبه.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي شِهَابٌ قَبَسٍ بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين. فمن قرأ منوناً، جعل القبس نعتا لشهاب ومن قرأ بِشِهابٍ غير منون، أضاف الشهاب إلى القبس ثم قال لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ يعني: تستدفئون من البرد.
قوله عز وجل: فَلَمَّا جاءَها يعني: النار، ويقال يعني: الشجرة نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ يعني: بورك مَنْ عند النار، وهو موسى عليه السلام وَمَنْ حَوْلَها يعني: الملائكة عليهم السلام وهو على وجه التقديم: فَلَمَّا جاءَها ومن حولها من الملائكة، نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ أي: عند النار. ويقال: من في طلب النار، وقصدها والمعنى: بورك فيك يا موسى. وقال أهل اللغة: بارك فلان وبارك فيه، وبارك عليه واحد، وهذا تحية من الله تعالى لموسى عليه السلام ثم قال: وَسُبْحانَ اللَّهِ يعني: قيل له: قل سبحان الله تنزيهاً لله تعالى من السُّوء ويقال: إنه أي الله في النداء قال: وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وقال بعض المفسرين:
كان ذلك نور رب العزة، وإنما أراد به تعظيم ذلك النور، كما يقال للمساجد بيوت الله تعظيماً لها.