قوله عز وجل: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى يعني: لم يعذب أهل القرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يعني: في معظمها ويقال: في أكبر قراها. ويقال: أم القرى مكة. قرأ حمزة والكسائي فِي أُمِّها بكسر الألف، وقرأ الباقون أُمِّها بالضم، ومعناهما واحد، يبعث في أمها رسولا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا يعني: القرآن وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ
يعني: لم نهلكها إلا بظلم أهلها.
ثم قال عز وجل: وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ يعني ما أعطيتم من مال. ويقال: ما أعطيتم من الدنيا فهو فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني: فهو متاع الحياة الدنيا، يعني: ينتفعون بها أيام حياتهم وَزِينَتُها يعني: وزهراتها ولا تبقى دائماً وَما عِنْدَ اللَّهِ من الثواب والجنة خَيْرٌ وَأَبْقى يعني: أفضل وأدوم لأهله مما أعطيتم في الدنيا أَفَلا تَعْقِلُونَ أن الباقي خير من الفاني. قرأ عمرو يَعْقِلُونَ بالياء على معنى الخبر عنهم. وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة.
فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦)
قوله عز وجل: أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً يعني: الجنة فَهُوَ لاقِيهِ يعني: مدركه ومصيبه كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا بالمال ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ في النار هل يستوي حالهما؟ قال في رواية الكلبي: نزل في عمار بن ياسر، وأبي جهل بن هشام وقال غيره: هذا في جميع المؤمنين، وجميع الكافرين ويقال نزلت في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي أبي جهل، يعني: من كان له في هذه الدنيا شدّة مع دين الله، خير ممن كان له سعة وفرج مع الشرك، ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ. يعني: من المعذبين في النار.
وقال عز وجل: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ يعني: واذكر يوم يدعوهم يعني: المشركين فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ يعني: المشركين: كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ في الدنيا أنهم شركائي قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ وجبت عليهم الحجة فوجب عليهم العذاب ويقال وجب عليهم القول وهو قوله لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ [الأعراف: ١٨] رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ يعني: القادة يقولون: ربنا هؤلاء الذين أضللنا يعني: السفلة أغويناهم كَما غَوَيْنا أي: أضللناهم كما كنا ضالين.