بالقتل وأخذ الدية ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ، أي: ظلم عليه، يعني: غضب عليه أولياء المقتول باستيفاء حقه فجنوا عليه، لينصرنه الله، أي: له أن يطلب بجنايته، ويقال له: إذا ظلم على ولي المقتول بالاستطالة بالقتل، أو بأخذ الدية، لينصرنه الله بأخذ حقه. إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ بقتالهم.
ثم قال عز وجل: ذلِكَ، يعني: ذلك القدرة بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ قال مقاتل: يعني هذا الذي فعل هو من قدرته.
ثم بيّن قدرته فقال: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. ثم قال: ذلِكَ، يعني: هذا الذي ذكر من صفته وقدرته، بِأَنَّ اللَّهَ يعني:
لعلموا أن الله هُوَ الْحَقُّ، وأن عبادته الحق، وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ ولا يقدرون على شيء. وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ يعني: هو أعلى وأكبر من أن يعدل به الباطل.
قرأ ابن عامر: ثُمَّ قُتِلُواْ بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ بالياء بلفظ المغايبة، وقرأ الباقون بالتاء، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا بنصب الميم، وقرأ الباقون بالضم.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٦]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦)
ثم قال عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاء، يعني: المطر. فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً، يعني: تصير الأرض مخضرة بالنبات، ويقال: ذات خضرة. إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ باستخراج النبات، خَبِيرٌ أي عليم به وبمكانه.
ثم قال عز وجل: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الخلق. وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ عن الخلق وعن عبادتهم، الْحَمِيدُ يعني: المحمود في أفعاله.
قوله عز وجل: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ، يعني: ذلل لكم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي، يعني: تسير فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ، يعني: بإذنه. وروي عن عبد الرحمن الأعرج أنه قرأ: الْفُلْكَ بضم الكاف على معنى الابتداء، وقراءة العامة بالنصب لوقوع التسخير عليها، يعني: سخر لكم الفلك. ويقال: صار نصبا بالنّسق على أن معنى أن الفلك تجري.
ثم قال: وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ يعني: لئلا تقع على الأرض. ويقال:
كراهة أن تقع على الارض، إِلَّا بِإِذْنِهِ، يعني: بأمره يوم القيامة. إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ