وحبط عملي. أنا من أهل النارِ. وجلس في بيته يبكي، ففقده رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخبروه بما قال، فقال صلّى الله عليه وسلم:«بَلْ هُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ» . فقال أنس: لكنا نراه يمشي بين أظهرنا، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة. فلما كان يوم اليمامة، فكان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس وقد تحنط، ولبس كفنه، فقال: بئس ما تعودون أقرانكم، فقاتلهم حتى قتل. ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى يعني: أخلص الله قلوبهم. ويقال: أصفى الله عز وجل قلوبهم للتقوى من المعصية. يعني: يجعل قلوبهم موضعاً للتقوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم وَأَجْرٌ عَظِيمٌ أي: ثواب وافر في الجنة. يعني:
يجعل ثوابهم في الدنيا أن يخلص قلوبهم للتقوى، وفي الآخرة أجر عظيم.
وقوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ فالحجرات جمع الحجرة.
يقال: حجرة وحجرات، مثل ظلمة وظلمات. وقرئ في الشاذ: الحجَرات بنصب الجيم.
وقرأه العامة بالضم. ومعناهما: واحد. نزلت الآية في شأن نفر من بني تميم، وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم بعث أسامة بن زيد، فانتهى إلى قبيلة، وكانت تسمى بني العنبر، فأغار عليهم، وسبى ذراريهم، فجاء جماعة منهم ليشتروا أسراهم، أو يفدوهم، فنادوه وكان وقت الظهيرة، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلم في الحجرة. فنادوه من وراء الحجرة، وكان لأزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلم حجرات. فلما خرج النبي كلموه في أمر الزراري، فقال لواحد منهم: احكم. فقال: حكمت أن تخلي نصف الأسارى، وتبيع النصف منا. ففعل النبيّ صلّى الله عليه وسلم. فنزلت الآية إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ لأنهم لو لم ينادوه، لكان يعتقهم كلهم. وروى معمر عن قتادة أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فناداه من وراء الحجرات، فقال: يا محمد إن مَدْحِي زَيْن، وإِن شَتْمِي شين. فخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: