والباقون بشهادتهم وهي شهادة واحدة وإنما تقع على الجنس. ثم قال: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ يعني: يداومون عليها ويحافظون عليها في مواقيتها. أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ يعني: أهل هذه الصفة، في جنات مكرمون بثواب من الله تعالى بالتحف والهدايا.
ثم قال تعالى: فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ يعني: حولك ويقال: عندك ناظرين. والمهطع: المقبل ببصره على الشيء. كانوا ينظرون إليه نظرة عداوة يعني: كفار مكة. وإنما قولهم مُهْطِعِينَ نصباً على الحال. عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ يعني:
حلقاً حلقاً جلوساً لا يدنون منه، فينتفعون بمجلسه. ويقال: عِزِينَ يعني: متفرقين. وروى تميم، عن طرفة، عن جابر بن سمرة قال: دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ونحن جلوس متفرقين، فقال:«مَا لِي أرَاكُمْ عِزِينَ؟» يعني: متفرقين أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ يعني: يتمنى كل واحد منهم أن يدخل الجنة، كما يدخل المسلمون. قال الله تعالى: كَلَّا يعني: لا يدخلون ما داموا على كفرهم.
ثم قال: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ يعني: من النطفة وقال الزجاج: معناه أنهم خلقوا مِّن تُرَابٍ، ثُمَّ مِن نطفة. فأي شيء لهم يدخلون به الجنة؟ ويقال: إنا خلقناهم مما يعلمون، فبماذا يتكبرون ويتجبرون؟ ثم قال عز وجل: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ يعني: أقسم برب المشارق وقال في آية: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وإنما أراد به الناحية التي تطلع الشمس، والناحية التي تغرب الشمس منها. وقال في آية أخرى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ يعني: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، ورب المغربين لذلك وقال في هذا الموضع: بِرَبِّ الْمَشارِقِ يعني:
مشرق كل يوم وهي ثمانون ومائة مشرق في الشتاء ومشرق مثلها في الصيف. وَالْمَغارِبِ يعني: مغرب كل يوم. إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ يعني: على أن نهلكهم ونخلق خلقاً خيراً منهم وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ يعني: عاجزين.
فَذَرْهُمْ يعني: اتركهم وأعرض عنهم. يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا يعني: حتى يخوضوا