أعداؤكم، فيظهر لكم عداوتهم عند ذلك. وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ بالقتل والتعذيب، وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ يعني: بالشتم. وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ يعني: تمنوا أن ترجعوا إلى دينهم، فإن فعلتم ذلك بسبب قرابتكم. لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ يعني: قرابتكم، وَلا أَوْلادُكُمْ الذين كانوا بمكة.
يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ يعني: يفرق بينكم وبينهم يوم القيامة. قرأ عاصم يَفْصِلُ بنصب الياء وكسر الصاد مع التخفيف يعني: يفصل الله بينكم يوم القيامة، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ بضم الياء ونصب الصاد مع التخفيف، على معنى فعل ما لم يسم فاعله والمعنى مثل الأول وقرأ حمزة والكسائي: يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ بضم الياء وكسر الصاد مع التشديد يعني: يفصل الله بينكم والتشديد للتكثير وقرأ ابن عامر: يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ بضم الياء ونصب الصاد مع التشديد، على معنى فعل ما لم يسم فاعله والتشديد للتكثير ويقال الفصل هو القضاء، يعني: يقضي بينكم على هذا. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يعني: عالم بأعمالكم.
قوله عز وجل: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ يعني: هلا فعلتم كما فعل إبراهيم، تبرأ من أبيه لأجل كفره؟ ويقال: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ يعني: قدوة حسنة وسنة صالحة في إبراهيم فاقتدوا به. وَالَّذِينَ مَعَهُ يعني: من كان مع إبراهيم من المؤمنين.
إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ أي: لمن كفر من قومهم: إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ يعني: من دينكم، وَمِمَّا تَعْبُدُونَ يعني: برآء مما تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ من الآلهة. كَفَرْنا بِكُمْ يعني: تبرأنا منكم. قرأ عاصم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ بضم الألف، والباقون بالكسر، وهما لغتان إسوة وأُسوة وهما بمعنى الاقتداء.
ثم قال: وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ يعني: حتى تصدقوا بالله وحده، فأعلم الله تعالى أن أصحاب إبراهيم تبرؤوا من قومهم، وعادوهم، لأجل