وقت من ألوان المنفعة كُلَّ حِينٍ يعني: في كل وقت. روى الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس أنه قال: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ قال: «غدوة وعشية» . وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال:«النخلة يكون حملها شهرين. فنرى أن الحين شهران» . وروى هشام بن حسان، عن عكرمة، أنه قال: حلف رجل فقال: إن فعلت كذا إلى حين، فعليَّ كذا. فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى ناس من الفقهاء فسألهم، فلم يقولوا شيئاً، قال عكرمة. فقلت: إن من الحين حيناً لا يدرك كقوله تعالى وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص: ٨٨] وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ [يونس: ٩٨] ومنها ما يدرك كقوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ فأراد ما بين خروج الثمرة إلى صرامها، فأراد به ستة أشهر. قال: فأعجب بذلك أي: فرح بذلك عمر بن عبد العزيز. وروي عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن امرأة حلفت ألاَّ تدخل على أهلها حيناً، قال: الحين ما بين أن يطلع الطلع إلى أن يجد، فبين أن يجد إلى أن: يطلع الطلع، ستة أشهر. وعن عكرمة عن ابن عباس أنه قال:«الحين ما بين الثمرتين» . أي سنة. وروي عن وهب بن منبه أنه قال:«الحين السنة» . وعن مقاتل: سنة. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الحين ستة أشهر. وقال عكرمة: النخلة لا يزال فيها شيء ينتفع به إما ثمرة وإما حطبه، فكذلك الكلمة الطيبة ينتفع بها صاحبها في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى: بِإِذْنِ رَبِّها أي: بأمر ربها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ يعني: يبيّن الله الأشباه لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعني: يتعظون، ويتفكرون في الأمثال فيوحّدونه.
قوله تعالى وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ يعني: كلمة الشرك كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ وهي الحنظلة ليس لها حلاوة ولا رائحة طيبة، فكذلك الشرك بالله خبيث. ثم وصف الشجرة فقال: اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ أي: اقتلعت من فوق الأرض مَا لَها مِنْ قَرارٍ يعني: ليس لها أصل، تجيء بها الريح، وتذهب. فكذلك الكفر ليس له أصل، ولا حجة في الأرض، ولا في السماء.
ثم قال تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ بلا إله إلا الله فِي الْحَياةِ الدُّنْيا يعني: يثّبتهم على ذلك القول عند النزع وَفِي الْآخِرَةِ يعني: في القبر. وقال البراء بن عازب:«نزلت الآية في عذاب القبر: يسأل من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ يعني: إذا أجاب فقد ثبّته الله تعالى» . وقال الضحاك: إذا وضع المؤمن في قبره وانصرف عنه الناس، دخل عليه ملكان، فيجلسانه ويسألانه: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ وما كتابك؟ وما قبلتك؟ فيثبّته الله في القبر، كما يثبته في الحياة الدنيا بالإقرار بالله تعالى وكتبه ورسله. وروى ابن طاوس عن أبيه