قوله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ أي: مخافة الفقر نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً أي: ذنباً عظيماً. ويقال: ظلما عظيماً وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: «أن تَجْعَلَ لله نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ» قال: يا رسول الله ثم أي؟ قال:«أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» . قال: ثم أي؟
قال:«أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قرأ ابن عامر خِطْأً كَبِيراً بنصب الخاء، وجزم الطاء. وقرأ ابن كثير: خِطَاءً بكسر الخاء، وفتح الطاء، ومد الألف. وقرأ الباقون: بكسر الخاء بغير مد أي: إثماً كبيراً. ويقال: خَطِىءَ يَخْطَأُ خِطْأً مثل أَثم يأْثم إثماً. ومن قرأ بالنصب معناه: إنَّ قتلهم كان غير صواب. يقال: أخطأ يخطئ خطأ وخطاء. وقرأ بعضهم: بنصب الخاء والطاء، وهي قراءة شاذة.
ثم قال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً أي: معصية وَساءَ سَبِيلًا أي: بئس المسلك. وروى عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود أنه قال:«لا أحد أغير من الله، وبذلك حرم الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله تعالى، ولذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العُذْر من الله تعالى، ولذلك بعث الرسل، وأنزل الكتب» ثم قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ يعني إلا بإحدى ثلاث مواضع: إذا قتل أحداً فيقتص به، أو زنى وهو محصن فيرجم، أو يرتد فيقتل. وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً أي: سبيلاً وحجة عليه، إن شاء قتله، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدية. يعني: إذا اصطلحا. وقال مجاهد: كل سلطان في القرآن فهو حجة، وكل ظن في القرآن فهو يقين. فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ بالتاء على معنى المخاطبة، أي لا تقتل غير القاتل حمية، ولا تقتل بعد ما عفا أو أخذ الدية إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً أي: معاناً من الله تعالى في كتابه، جعل الأمر إليه في القَوَدِ. قرأ حمزة والكسائي فلا تُسْرِفْ بالتاء على معنى المخاطبة، وقرأ الباقون بالياء.
ثم قال عز وجل: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي: إلا على وجه التجارة لينمو مال اليتيم بالأرباح، أو ينمو على وجه المضاربة حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ يعني: حتى يَبْلُغَ