على اثنتي عشرة فرقة، وتصير اثني عشر نهراً. وقال بعضهم: كان للحجر اثنا عشر ثقباً، يخرج منها اثنتا عشرة عيناً لا يختلط بعضها ببعض. قال مقاتل: كان الحجر مربَّعاً، وكان جبريل- عليه السلام- أمر موسى بحمله معه يوم جاوز البحر ببني إسرائيل، وإنما انفجرت اثنتا عشرة عيناً، لأنه أخذ من مكان فيه اثنا عشر طريقاً.
ثم قال تعالى: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ، أي قد عرف كل سبط مشربهم، أي موردهم وموضع شربهم من العيون لا يخالطهم فيها غيرهم. والحكمة في ذلك أن الأسباط كانت بينهم عصبية ومباهاة، وكل سبط منهم لا يتزوج من سبط آخر، وأراد كل سبط تكثير نفسه، فجعل لكل سبط منهم نهراً على حدة ليستقوا منها، ويسقوا دوابهم لكيلا يقع بينهم جدال ومخاصمة. وقال بعضهم: كان الحجر من الجنة. وقال بعضهم: رفعه موسى من أسفل البحر حيث مرّ فيه مع قومه. وقال بعضهم: كان حجراً من أحجار الأرض.
قوله عز وجل: كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ أي قيل لهم كلوا من المن والسلوى، واشربوا من ماء العيون، وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، أي لا تعملوا فيها بالمعاصي، يقال: عثا يعثو عثواً، إذا أظهر الفساد وعَثِي، وعاث- لغتان- الذئب في الغنم أي أسرع بالفساد ثم أنهم أجمعوا من المن والسلوى.
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ، أي من جنس واحد فَادْعُ لَنا رَبَّكَ، أي سل لنا ربك يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ، أي مما تخرج الأرض مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها.
وقوله بَقْلِها أراد به البقول كلها، وقوله وَقِثَّائِها أراد به جميع ما يخرج من الفاكهة مثل القثاء والبطيخ ونحو ذلك، وقوله: وَفُومِها، أي طعامها وهي الحبوب كلها، ويقال: هي الحنطة خاصة. وقال مجاهد: الفوم الخبز. وقال الفراء: فومي لنا يا جارية، يعني اخبزي لنا.
ويقال: الفوم هو الثوم، والعرب تبدل الفاء بالثاء لقرب مخرجهما. وفي قراءة عبد الله بن مسعود وثومها وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا.