للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ، أي: المشركين يَوْمَئِذٍ زُرْقاً، يعني: عطاشاً، ويقال: عمياً، ويقال:

زرق الأعين. وروي عن سعيد بن جبير أن رجلاً قال لابن عباس: إن الله يقول في موضع وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [الإسراء:

٩٧] ، فقال ابن عباس: «إن يوم القيامة له حالات: في حال زرقاً وفي حال عمياً» . وقال القتبي:

زُرْقاً أي تبيض عيونهم من العمى أي ذهب السواد والناظر، وقال الزجاج: يقال عطاشاً، لأن من شدة العطش يتغير سواد الأعين حتى تزرق.

ثم قال: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ، يعني: يتسارّون فيما بينهم. إِنْ لَبِثْتُمْ، يعني: ما مكثتم بعد الموت في القبور، إِلَّا عَشْراً يعني: عشرة أيام، ويقال: عشر ساعات.

يقول الله عز وجل: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً، يعني: أوفاهم عقلاً ويقال: أعدلهم رأياً عند أنفسهم. إِنْ لَبِثْتُمْ، يعني: ما مكثتم في القبور، إِلَّا يَوْماً.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٠٥ الى ١٠٨]

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لاَّ تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨)

قوله عز وجل: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ وذلك أن بني ثقيف من أهل مكة قالوا: يا رسول الله، كيف تكون الجبال يوم القيامة فنزل وَيَسْئَلُونَكَ، يعني: عن أمر الجبال. فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً، يعني: يقلعها ربي قلعاً من أمكنتها. والنسف: التذرية أي، تصيير الجبال كالهباء المنثور. فَيَذَرُها قَاعاً صَفْصَفاً قال القتبي: القاع واحدة القيعة، وهي الأرض التي يعلوها السراب كالماء، والصفصف: المستوي. وقال السدي: القاع الأملس، والصفصف المستوي. لاَّ تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً، يعني: لا ترى فيها صعوداً ولا هبوطاً، ويقال: لا ترى فيها أودية، ولا أَمْتاً يعني: ولا شخوصاً. والأمت في كلام العرب: ما نشز من الأرض.

ثم قال عز وجل: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ، يعني: يقصدون نحو الداعي. لاَ عِوَجَ لَهُ يعني: لا عوج لهم عنه، ومعناه: لا يميلون يميناً ولا شمالاً، وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ يعني:

ذلت وسكنت وخفضت الكلمات لِلرَّحْمنِ يعني: لهيبة الرحمن. فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً، يعني: كلاماً خفياً، ويقال: صوت الأقدام كهمس الإبل.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٠٩ الى ١١٢]

يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>