للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوحدانية الله تعالى ويقال: وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ فلا يؤمنون برب هذه النعمة.

قوله: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: الأصنام مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ أي: لا يقدر لهم رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ أي: من إنزال المطر وَالْأَرْضِ والنبات شَيْئاً يعني: لا يملكون شيئاً من ذلك. وقال القتبي: إنما نصب شَيْئاً بإيقاع الرزق عليه. ومعناه: يعبدون ما لا يملك أن يرزقهم شيئاً. كما تقول: ويخدم من لا يستطيع إِعطاءَه درهماً. وَلا يَسْتَطِيعُونَ ذلك فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ أي: لا تصفوا لله شريكاً فإنه لا إله إلا غيره إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنه لا شريك له، ويقال: إن الله يعلم ضرب الأمثال وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ضرب الأمثال.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٧٥ الى ٧٦]

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦)

ثم قال عز وجل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا أي: وصف الله شبهاً عَبْداً مَمْلُوكاً وهو الكافر لاَّ يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ يقول: لا يقدر على مال ينفقه في طاعة الله وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً أي: مالاً حلالاً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ أي: يتصدق منه سِرًّا وَجَهْراً يقول: يتصدق خفية وعلانية وهو المؤمن هَلْ يَسْتَوُونَ في الطاعة مثلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ضرب المثل.

وروي عن ابن عباس أنه قال: «نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان والآخر أبو العيص بن أمية وهو كافر، لا يقدر أن ينفق خيراً لمعاده، وعثمان أنفق لآخرته فهل يستويان» ؟ أي: هل يستوي الكافر والمؤمن؟ ويقال ضرب المثل للآلهة، ومعناه: أن الاثنين المتساويين في الخلق، إذا كان أحدهما قادراً على الإنفاق، والآخر عاجزاً لا يستويان، فكيف يسوون بين الحجارة التي لا تتحرك ولا تعقل، وبين الذي هو على كل شىء قدير؟ فبيّن الله تعالى علامة ضلالتهم، ثم حمد نفسه، ودل خلقه على حمده، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ.

ثم ضرب مثلاً آخر فقال: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ أي أخرس وهو الصنم لاَّ يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ من مال ولا منفعة وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أي: ثقل على وليه وقرابته، يعني: الصنم عيال ووبال على عابده. أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ أي: حيث يبعثه لا يجيء بخير هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ يعني: بالتوحيد وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يدل الخلق إلى التوحيد. ويقال: هذا المثل للكافر مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعني: الكافر الذي لا يتكلم بخير، هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ أي: التوحيد ويدعو الناس إليه وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يدعو الناس إليه وهو على دين الإسلام. وقال السدي: المثلان ضربهما الله لنفسه وللآلهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>