قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ، يقول: الشكر لله، والألوهية لِلَّهِ. الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ، أي أنزل على عبده محمدا صلّى الله عليه وسلّم القرآن. وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً، أي لم ينزله متناقضاً. قَيِّماً، بل أنزله مستقيماً. ويقال: في الآية تقديم، ومعناه: الحمد لِلَّهِ الذى أَنْزَلَ على عبده الكتاب قيماً أي مستقيماً، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً أي لم ينزله مخالفاً للتوراة والإنجيل. قال أهل اللغة: عِوَجاً بكسر العين في الأقوال وبنصب العين في الأشخاص ويقال: في كلامه عوج، وفي هذه الخشبة عوج. لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً، أي لينذركم ببأس شديد، كما قال: يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ [آل عمران: ١٧٥] أي بأوليائه وهذا قول القتبي وقال الزجاج:
أي لينذرهم بالعذاب البئيس. مِنْ لَدُنْهُ، أي من قبله، ويقال: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً، أي يخوفهم بالعذاب الشديد بما في القرآن مِنْ لَدُنْهُ، أي من عنده. قرأ عاصم في رواية أبي بكر: مِنْ لَدُنْهُ بجزم الدال، وقرأ الباقون بالضم، ومعناهما واحد. وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ، بالجنة.
ثم وصف المؤمنين، فقال: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ، فيما بينهم وبين ربهم. ثم بيّن الذي يبشرهم به، فقال: أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً في الْجَنَّةِ، ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً أي مقيمين في الثواب والنعيم خالداً مخلدا وماكِثِينَ منصوب على الحال في معنى خالدين.
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا، أي يخوف بالقرآن الذين قَالُواْ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً، وهم المشركون والنصارى. مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ، أي ليس لهم بذلك القول بيان ولا حجة، وَلا لِآبائِهِمْ أي ولا حجة لآبائهم الذين مضوا، فأخبر أنهم أخذوا دينهم من آبائهم بالتقليد لا بالحجة والبيان، لأنهم قالوا كان آباؤُنا على هذا. كَبُرَتْ كَلِمَةً، أي عظمت الكلمة. قرأ الحسن