للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمطيعين، وهم أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم ليعتبروا به، لأن أيوب عليه السلام لم يفتر عن عبادة ربه عز وجل في بلائه.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٥ الى ٨٦]

وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦)

ثم قال عز وجل: وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ، يعني: واذكر إسماعيل، وهو إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وإدريس وهو جد أبي نوح. وَذَا الْكِفْلِ عليهم السلام. قال بعضهم: كان ذو الكفل نبيا، وقال بعضهم: لم يكن نبياً، وكان رجلا صالحا، تكفل لنبيّ قومه أن يكفيه أمر قومه، ويقضي بينهم بالعدل، ولذلك سمي ذا الكفل. ويقال: إنما ذكره مع الأنبياء عليهم السلام لأنه عمل عمل الأنبياء. وقال قتادة: كفل عن رجل صلاته، كان يصلي كل يوم ألف ركعة، فكفل عنه فكان يصلي بعد موته، فسمي ذا الكفل. ويقال: إنه كفل مائة من الأنبياء عليهم السلام، وأنجاهم من القتل، وضمهم إلى نفسه، فسمي ذا الكفل. كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ، يعني: صبروا على طاعة الله عز وجل وعلى ما أصابهم من الشدة في الله تعالى.

ثم قال: وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا، يعني: أكرمناهم بالنبوة، ويقال: أدْخلناهم في الجنةِ إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ، يعني: المطيعين لله تعالى.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٧ الى ٨٨]

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)

قوله عز وجل: وَذَا النُّونِ، يعني: واذكر ذا النون، يعني: ذا السمكة. وهو يونس بن متى عليه السلام إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً، يعني: مصارعاً من قومه. ويقال: كان ضيق الصدر سريع الغضب، وذلك أنه لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ إلى الله تعالى، كذبوه فأخبرهم بأن العذاب نازل بهم، فأتاهم العذاب، فأخلصوا لله تعالى بالدعاء، فصرف عنهم. وكان يونس عليه السلام اعتزلهم ينتظر هلاكهم، فسأل بعض من مر عليه من أهل تلك المدينة، فلما علم أنهم لم يهلكوا، أنف أن يرجع إليهم مخافة أن ينسب إلى الكذب وَيُعَيَّرَ به، وذَهَبَ مُغاضِباً، يعني: أنفاً. قال القتبي:

غضب وأنف بمعنى واحد لقربهما.

وقال بعضهم: إنما غضب على الملك. وذلك أن ملكاً من الملوك، يقال له ابن تغلب، غزا بني إسرائيل فسبى منهم تسعة أسباط ونصف، فلمّا ذهب أيام عقوبتهم، يعني عقوبة بني إسرائيل، ونزل أيام عافيتهم، أوحى الله عَزَّ وَجَلَّ إلَى نبي من أنبياء بني إسرائيل، يسمَّى شعياء أن ائت إلى حزقيا الملك فأخبره بذلك، فدعا الملك يونس بن متى، وأمره بأن يخرج، فأبى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>