قوله: مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ يعني: ما يخاصم في آيات الله بالتكذيب، إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ يعني: ذهابهم، ومجيئهم في أسفارهم، وتجاراتهم، فإنهم ليسوا على شَىْء من الدين. وقال مقاتل: تَقَلُّبُهُمْ يعني: ما هم فيه من السعة في الرزق.
ثم خوّفهم ليحذروا فقال: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ يعني: الأمم مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ، وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ يعني: أرادوا أن يقتلوه، وَجادَلُوا بِالْباطِلِ أي: بالشرك، لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ يعني: ليبطلوا به دين الحق، وهو الإسلام، والذي جاء به الرسل. فَأَخَذْتُهُمْ أي: عاقبتهم، فَكَيْفَ كانَ عِقابِ يعني: كيف رأيت عذابي لهم. أليس قد وجدوه حقاً.
وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ يعني: سبقت، ووجبت كَلِمَةُ رَبِّكَ، عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا بالعذاب، أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني: يصيرون إليها. قرأ نافع، وابن عامر: كلمات رَبَّكَ بلفظ الجماعة. والباقون: كلمة ربك بلفظ الواحد. وهي عبارة عن الجنس. والجنس يقع على الواحد، وعلى الجماعة، وقرئ في الشاذ: إِنَّهم بالكسر على معنى الابتداء، وقراءة العامة بالنصب على معنى البناء.
ثم قال الله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وهم الملائكة، وَمَنْ حَوْلَهُ من المقربين، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يعني: يسبحون الله تعالى، ويحمدونه، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ أي: يصدقون بالله، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني: المؤمنين. وفي الآية: دليل فضل المؤمنين، وبيانه، أن الملائكة مشتغلون بالدعاء لهم.
ثم وصف دعاءهم للمؤمنين وهو قولهم: رَبَّنا يعني: يقولون: يا ربنا، وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً يعني: يا ربنا رحمتك واسعة، وعلمك محيط بكل شيء. ويقال: معناه ملأت كل شيء نعمة، وعلماً، علم ما فيها من الخلق. روى قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن