الخزنة هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني: تجحدون، وقلتم إنه غير كائن ثم قال عز وجل:
كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ يعني: حقاً إن كتاب المصدقين لفي عليين وهو فوق السماء السابعة، فرفع كتابهم على قدر مرتبتهم ثم قال عز وجل: وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ ثم وصفه فقال: كِتابٌ مَرْقُومٌ يعني: مكتوباً مختوماً في عليين يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ يعني: يشهد على ذلك الكتاب سبعة أملاك من مقربي أهل كل سماء وقال بعضهم: الكتاب أراد به الروح والأعمال يعني: يرفع روحه وأعماله إلى عليين.
ثم قال عز وجل: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ يعني: المؤمنين الصالحين لفي نعيم في الجنة على الارائك ينظرون يعني على سرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار، ويقال: ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يعني: أثر النعمة وسرورهم في وجوههم ظاهر يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ يعني: يسقون خمراً بيضاء، وقال الزجاج: الرحيق الشراب الذي لا غش فيه، قال القتبي: الرحيق الخمر العتيقة، ثم قال: مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ يعني: إذا شرب منه رجل وجد عند فراغه من الشراب ريح المسك قرأ الكسائي مسك، وروي عن الضحاك أنه قرأ مثله والباقون ختامه مسك ومعناهما واحد، والخاتم اسم والختام مصدر يعني: يجد شاربه ريح المسك حين ينزع الإناء من فيه ثم قال عز وجل: وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ يعني: بمثل هذا الثواب فليتبادر المتبادرون، ويقال: فليتحاسد المتحاسدون ويقال: فليواظب المواظبون وليجتهد المجتهدون وهذا كما قال لمثل هذا فليعمل العاملون ثم قال: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ يعني: مزاج الخمر من ماء اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب في الجنة وإنما سمي تسنيماً لأنه يتسنم عليهم فينصب عليهم انصباباً، وقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول الرجل يقول إني لفي السنام من قومه فهو في السنام من الشراب، وقال القتبي أصله من سنام البعير يعني: المرتفع ثم وصفه فقال عز وجل: عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ يعني: التسنيم عيناً يشرب بها المقربون صرفاً ويمزج لأصحاب اليمين ثم