للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين وَأَخْرِجْنِي، أي احفظني من الكفر، ويقال: أخرجني من الدنيا إخراج صدق، وأدخلني في الجنة. ويقال: أدخلني بعز وشرف وإظهار الإسلام. ويقال: أدخلني في القبر مدخل صدق وأخرجني من القبر مخرج صدق، وقال مجاهد: أدخلني في النبوة والرسالة مدخل صدق الجنة، وقال السدي: أدخلني المدينة وأخرجني من مكة، وعن أبي صالح: أدخلني في الإسلام وارفعني في الإسلام. وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ، أي: من عندك سُلْطاناً نَصِيراً، أي ملكاً مانعاً لا زوال فيه، ولا يرد قولي ويقال: حجة ثابتة ظاهرة.

قوله عز وجل: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ، ظهر الإسلام والقرآن، وَزَهَقَ الْباطِلُ يقول:

وهلك الشرك وأهله. إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً، يعني: إنّ الشرك كان هالكاً لم يكن له قرار ولا دوام. روي عن عبد الله بن الشخير، عن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [الإسراء: ٨١] جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ وذكر أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول ذلك والصنم ينكب لوجهه.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨٢ الى ٨٤]

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤)

ثم قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أي بيان من العمى، ويقال: شفاء للبدن، إذا قرئ على المريض يبرأ، أو يهون عليه. وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، أي ونعمة من العذاب لمن آمن بالقرآن. وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ، أي المشركين ما نزل من القرآن إِلَّا خَساراً أي تخسيراً وغبنا.

قوله عز وجل: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ، أي إذا وسعنا على الكافر الرزق ورفعنا عنه العذاب في الدنيا، أَعْرَضَ عن الدعاء. ويقال: النعمة هي إرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم، أعرض عنه الكافر. وَنَأى بِجانِبِهِ، يعني: تباعد عن الإيمان فلم يقربه. قرأ ابن عامر: وَنَاءَ بمد الألف على وزن باع وقرأ أبو عمرو بنصب النون وكسر الألف، وقرأ حمزة والكسائي بكسر النون والألف، وقرأ الباقون بنصب النون. وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً، يعني: إذَا أصابه الفقر في معيشته والسقم في الجسم، كان آيساً من رحمة الله.

ثم قال تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال القتبي: أي: على خليقته وطبيعته وهو من الشكل. وقال الحسن: عَلى شاكِلَتِهِ أي: على نيّته، وكذلك قال معاوية بن قرة. وقال الكلبي: على ناحيته ومنهاجه وحديثه وأمره الذي هو عليه. فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا، أي بمن هو أصوب ديناً، ويقال: هو عالم بمن هو على الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>