يعني: يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه، وهو في ركوعه. ويقال: يراد به جميع المسلمين أنهم يصلون ويؤدون الزكاة.
ثم قال: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا يعني: يجعل الله ناصره ويجالس النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني: جند الله هُمُ الْغالِبُونَ. قال محمد بن إسحاق:
نزلت هذه الآية في «عبادة بن الصامت» ، حين تبرأ من ولاية اليهود يعني: يهود بني فينقاع، وتولى الله ورسوله، فأخبر الله تعالى أن العاقبة لمن يتولى الله ورسوله، فإن الله ينصر أولياءه، ويبطل كيد الكافرين، فذلك قوله تعالى: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ يعني: هم الظاهرون على أعدائه والعاقبة لهم وقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً يعني: الذين آمنوا بلسانهم، ولم يؤمنوا بقلوبهم. ويقال: أراد به المخلصين نهاهم الله تعالى عن ولاية الكفار.
وروى محمد بن إسحاق بإسناده، عن عبد الله بن عباس قال: كان «رفاعة بن زيد بن تابوت وسويد بن الحارث» قد أظهرا الإسلام، ونافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما، فأنزل الله تعالى لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ الإسلام هُزُواً وَلَعِباً يعني: سخرية وباطلاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ يعني: مشركي العرب. قرأ أبو عمرو والكسائي وَالْكُفَّارَ بالخفض، وقرأ الباقون بالنصب. فمن قرأ بالخفض فمعناه: من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الكفار أولياء، ومن قرأ بالنصب، فهو معطوف على قوله: لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ ... وَلاَ تَتَّخِذُوا الْكُفَّارَ أَوْلِياءَ ثم قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: إن كنتم مؤمنين فلا تتخذوا الكفار أولياء. قوله تعالى: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ يعني: إذا أذن المؤذن للصلاة، وإنما أضاف النداء إلى جميع المسلمين، لأن المؤذن يؤذن لهم ويناديهم، فأضاف إليهم فقال: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً يعني: الكفار، إذا سمعوا الأذان استهزءوا به. وإذا رأوهم ركعاً وسجدا ضحكوا واستهزءوا بذلك. ذلِكَ الاستهزاء بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ يعني: لا يعلمون ثوابه. وقال الضحاك: سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلم جبريل، وقال:«من أَتَّخِذُه مؤذّناً؟» . قال: يا محمد عليك بالعبد الأسود، فإنه مشهود في الملائكة، وجهير الصوت، وأحبّ المؤذنين إلى الله تعالى. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، وعلمه الأذان،