قوله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ يعني: خسر أبو لهب وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: ٢١٤] صعد على الصفا ونادى فاجتمعوا فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ وَأَدْعُوهُمْ إِلَى شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فَقُولُوا أَشْهَدْ لَكُمْ بِهَا عِنْدَ رَبِّي» فأنكروا ذلك فقال أبو لهب: تبا لك سائر الأيام ألهذا دعوتنا، وروي في خبر آخر أنه اتخذ طعاماً ودعاهم ثم قال:«أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا وَأَطِيعُوا تَهْتَدُوا» فقال أبو لهب:
تبا لك سائر الأيام ألهذا دعوتنا فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ يعني: خسرت يدا أبي لهب عن التوحيد وَتَبَّ يعني: وقد خسر ويقال: إنما ذكر اليد وأراد به هو وقال مقاتل: تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وتب يعني: خسر نفسه وكان أبو لهب عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم واسمه «عبد العزى» ولهذا ذكره بالكنية ولم يذكر اسمه لأن اسمه كان منسوباً إلى صنم وقال بعضهم: كنيته كان اسمه ثم قال عز وجل: مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ يعني: ما نفعه ماله في الآخرة إذ كفر في الدنيا وَما كَسَبَ يعني: ما ينفعه ولده في الآخرة إذا كفر في الدنيا والكسب أراد به الولد لأن ولد الرجل من كسبه ثم قال عز وجل: سَيَصْلى نَاراً ذاتَ لَهَبٍ يعني: يدخل في النار ذات لهب يعني: ذات شعل ثم قال عز وجل: وَامْرَأَتُهُ يعني: امرأته تدخل النار معه حَمَّالَةَ الْحَطَبِ قرأ عاصم حمالة الحطب بنصب الهاء ويكون على معنى الذم والشين ومعناه أعني حمالة الحطب والباقون بالضم على معنى الابتداء وحمالة الحطب جعل نعتاً لها فقال: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ يعني: حمالة الخطايا والذنوب. ويقال: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ يعني: تمشي بالنميمة فسمى النميمة حطباً لأنه يلقي بني القوم العداوة والبغضاء وكانت تمشي بالنميمة في عداوة النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه ويقال:
كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه بالليل من بغضها لهم حتى بلغ النبي