للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال عز وجل: أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ وذكر عن نافع أنه قرأ بإسقاط الألف في الوصل وهو قوله: لَكاذِبُونَ أَصْطَفَى وبكسرها في الابتداء. وجعلها ألف وصل، ولم يجعلها ألف قطع، ولا ألف استفهام. ومعناها: أن الله عز وجل حكى عن كفار قريش أنهم يزعمون أن الملائكة بنات الله، وأنهم من إفكهم ليقولون: ولد الله، وَإِنَّهُمْ لكاذبون في قولهم:

أصطفى البنات على البنين. وقرأ الباقون: لَكاذِبُونَ أَصْطَفَى بإثبات الألف على معنى الاستفهام. فلفظه لفظ الاستفهام، والمراد به الزجر.

ثم قال عز وجل: مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ يعني: كيف تقضون بالحق أَفَلا تَذَكَّرُونَ أنه لا يختار البنات على البنين أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ يعني: ألكم حجة. ويقال: ألكم عذر بيّن في كتاب الله، أنزل الله إليكم بأن الملائكة بناته فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ

يعني: أي بعذركم وحجتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

في مقالتكم.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٥٨ الى ١٧٠]

وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢)

إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣) وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧)

لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)

ثم قال عز وجل: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يعني: وصفوا بين الرب، وبين الملائكة نسباً حين زعموا أنهم بناته. ويقال: جعلوا بينه وبين إبليس قرابة. وروى جبير عن الضحاك قال: قالت قريش: إن إبليس أخو الرحمن. وقال عكرمة: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً قالوا: الملائكة بنات الله، وجعلوهم من الجن. وهكذا قال القتبي.

ثم قال: وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ قال مقاتل والكلبي: يعني: علمت الملائكة الذين قالوا إنهم البنات إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أن من قال: إنهم بناته لمحضرون في النار. ويقال: لو علمت الملائكة أنهم لو قالوا بذلك، أدخلوا النار ثم قال عز وجل:

سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ يعني: تنزيهاً لله عما يصف الكفار. ثم استثنى على معنى التقديم والتأخير، يعني: فقال إنهم لمحضرون إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني: الموحدين.

فإنهم لا يقولون ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>