قوله تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يقول: ألم يأتكم في القرآن خبر الذين من قبلكم من الأمم الماضية، كيف عذّبهم الله تعالى عند تكذيب رسلهم قَوْمِ نُوحٍ كيف أهلكهم الله بالغرق، وَعادٍ كيف أهلكهم الله بالريح، وَثَمُودَ كيف أهلكهم بالصيحة، فهذا تهديد لأهل مكة ليعتبروا بهم.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ كيف عذبوا لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ يعني: لا يعلم عددهم إلا الله. قال ابن مسعود:«كذب النسابون وقرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني: الأمم الخالية جاءتهم رسلهم بالأمر والنهي» فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ قال مقاتل: وضع الكفار أيديهم على أفواههم، فقالوا للرسل:
اسكتوا فإنكم كذبة، وإن العذاب غير نازل بنا. وروى هبيرة بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود في قوله فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ قال:«جعلوا أصابعهم في فيهم» . وقال القتبي: أي:
عضوا عليها حنقا وغيظاً.
قال مجاهد وقتادة: يعني: ردّوا عليهم قولهم وكذبوهم، ويقال: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ يعني:
نِعَم رسلهم، لأن مجيئهم بالبينات نعم. يعني قوله: فِي أَفْواهِهِمْ أي: بأفواههم. أي: ردوا تلك النعمة بالنطق بالتكذيب وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا فهذا هو ردهم بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ يعني: بما تدعونا إليه وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ وهو المبالغة في الشك يعني: ظاهر الشك.