للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والميزان، تزول عنكم النعمة والسعة، ويصيبكم القحط والشدة وعذاب الآخرة. وقال مجاهد:

إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ يعني: برخص السعر.

وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ، يعني: أتموا الكيل والوزن بِالْقِسْطِ يقول: بالعدل وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ يعني: لا تنقصوا الناس حقوقهم وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ يعني: لا تسعوا في الأرض بالفساد والمعاصي، ونقصان الكيل والوزن. وقال سعيد بن المسيب: إذا أتيت أرضاً يوفون المكيال والميزان فأطل المقام بها، وإذا أتيت أرضاً ينقصون المكيال والميزان، فأقل المقام بها. وقال عكرمة: أشهد أن كل كيال ووزان في النار، قيل له: فمن وفى الكيل والوزن؟ قال: ليس رجل في المدينة يكيل كما يكتال، ولا يزن كما يوزن، والله تعالى يقول: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: ١] .

ثم قال: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ قال ابن عباس: «ما أبقى الله لكم من الحلال، خير لكم من الحرام» إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: مصدقين، فصدقوني فيما أقول لكم ويقال: ثواب الله خير لكم في الآخرة. وقال مجاهد: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ يعني: طاعة الله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ خير لكم ويقال: ثواب الله خير لكم في الآخرة. وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ يعني: رقيباً ووكيلاً، وإنما عليّ البلاغ.

[سورة هود (١١) : الآيات ٨٧ الى ٨٩]

قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨) وَيا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَآ أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩)

قوله: قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ يعني: قال له قومه. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: أَصَلاتُكَ بلفظ الوحدان يعني: أقراءتك، ويقال: أدعاؤك يأمرك. وقرأ الباقون: أصلواتك بلفظ الجماعة، يعني: أكثرة صلواتك تأمرك أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وكان شعيب كثير الصلاة، أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا من نقصان الكيل والوزن؟ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ يعني: السفيه الضال استهزاء منهم به.

قالَ شعيب يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي يعني: على دين وطاعة وبيان وأتاني رحمة من ربي، وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً يعني: بعثني بالرسالة فهداني لدينه، ووسع عليَّ من رزقه. وقال الزجاج: جواب الشرط هاهنا متروك، والمعنى: إن كنت على بينة من ربي، أتبع الضلال، فترك الجواب لعلم المخاطبين بالمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>