آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ روي عن الحسن وعن مجاهد: أن هذه الآية نزلت في قصة المعراج، وهكذا روي في بعض الروايات عن عبد الله بن عباس.
وقال بعضهم جميع القرآن نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم إلا هذه الآية، فإن النبيّ صلّى الله عليه وسلم سمعها ليلة المعراج. وقال بعضهم: لم يكن ذلك في قصة المعراج، لأن ليلة المعراج كانت بمكة، وهذه السورة كلها مدنية، فأما من قال: إنها كانت في ليلة المعراج. قال: لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغ فوق السموات في مكان مرتفع، ومعه جبريل حتى جاوز سدرة المنتهى. فقال له جبريل: إني لم أجاوز هذا الموضع، ولم يؤمر أحد بالمجاوزة عن هذا الموضع غيرك، فجاوز النبيّ صلّى الله عليه وسلم حتى بلغ الموضع الذي شاء الله، فأشار إليه جبريل بأن يسلم على ربه. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم:«التَّحِيَّاتُ لله وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ» . فقال الله تعالى: السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لأمته حظ في السلام فقال:«السَّلامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ» . فقال جبريل: وأهل السموات كلهم، أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلا الله، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قال الله تعالى على معنى الشكر آمن الرسول، أي: صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أنزل إليه من ربه، فأراد النبيّ صلّى الله عليه وسلم أن يشارك أمته في الفضيلة فقال: وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ يعني: يقولون آمنا بجميع الرسل، ولا نكفر بواحد منهم، ولا نفرق بينهم، كما فرقت اليهود والنصارى.
فقال له ربه عز وجل: كيف قبولهم للآي التي أنزلتها؟ وهي قوله: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ [البقرة: ٢٨٤] ، فقال: رسول الله: وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا أي أطعنا مغفرتك يا ربنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ أي: المرجع قال الله تعالى عند ذلك: لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي طاقتها.