ويقال: ينفى إلى دار الحرب. ثم قال تعالى: ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا يعني ذلك القتل والقطع لهم عذاب وعقوبة في الدنيا، ولا يكون ذلك كفارة لذنوبهم إن لم يتوبوا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ أي أشد مما كان في الدنيا، وهو عذاب النار. ثم استثنى فقال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ يعني رجعوا عن صنيعهم قبل أن يؤخذوا ويردوا المال، فلا يعاقبون في الدنيا ولا فى الآخرة، ويغفر الله تعالى لهم ذنوبهم وذلك قوله:
فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ غفور لذنوبهم رحيم حين قبل توبتهم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ يعني احذروا المعاصي لكي تنجوا من عذاب الله.
وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ يعني اطلبوا القرابة والفضيلة بالأعمال الصالحة وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ يعني في طاعته. ويقال: جاهدوا العدو لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي لكي تنجوا من العقوبة وتنالوا الثواب. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ يقول: إن الكافر إذا عاين العذاب ثم تكون له الدنيا جميعاً ومثلها معها فيقدر على أن يفتدي بها، من العذاب لافتدى بها يقول الله تعالى: لو كان ذلك لهم ففعلوه مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ذلك النداء وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي وجيع.
ثم قال تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وذلك أنهم يريدون أن يخرجوا من الأبواب، فتستقبلهم الملائكة فيضربونهم بمقامع من حديد ويردونهم إليها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ دائم أبداً. وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال: إن قوماً يخرجون من النار بعد ما يدخلونها، قيل له: سبحان الله أليس الله يقول: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها؟ فقال جابر: اقرءوا إن شئتم أول الآية إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني هذا للكفار خاصة دون العاصين من المؤمنين.