[سورة الفرقان: ٦٨] إلى قوله يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [سورة الفرقان: ٦٩] وقد دعونا مع الله إلها آخر، وقتلنا النفس، وزنينا، فلولا هذه الآيات لا تبعناك، فنزل إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً [سورة مريم: ٦٠] فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات إلى وحشي وأصحابه، فلما قرءوا كتبوا إليه أن هذا شرط شديد، فنخاف ألا نعمل عملاً صالحاً فلا نكون من أهل هذه الآية. فنزل إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فبعث إليهم فقرؤوها، فبعثوا إليه فقالوا: إن في هذه الآية شرطاً أيضاً نخاف ألا نكون من أهل مشيئته، فنزل قوله قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [سورة الزمر: ٥٣] فبعثها إليهم، فلما قرءوها وجدوها أوسع مما كان قبلها، فدخل هو وأصحابه في الإسلام. وروي عن ابن عمر أنه قال: كنا إذا مات الرجل منا على كبيرة، شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فأمسكنا عن الشهادة. وهذه الآية رد على من يقول: إن من مات على كبيرة يخلد في النار، لأن الله تعالى قد ذكر في آية أخرى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [سورة هود: ١١٤] يعني ما دون الكبائر، فلم يبق لهذه المشيئة موضع سوى الكبائر. ثم قال تعالى: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً يعني اختلق على الله كذباً عظيماً. ويقال: فقد أذنب ذنباً عظيماً.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ يقول: يبرئون أنفسهم من الذنوب بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وذلك لأن رؤساء اليهود كانوا يقولون: هل على أولادنا من ذنب؟ فما نحن إلا كهيئتهم. فهذا الذي زكوا به أنفسهم، قال الله تعالى: بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ أي يصلح