قوله: وَتَرَى الظَّالِمِينَ يعني: المشركين والعاصين لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ في الآخرة يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ يعني: هل من رجعة إلى الدنيا من حيلة، فنؤمن بك يتمنون الرجوع إلى الدنيا. قوله تعالى: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها يعني: يساقون إلى النار خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ أي: خاضعين من الحزن، ويقال ساكتين ذليلين، مقهورين من الحياء يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ قال الكلبي: يعني: ينظرون بقلوبهم، ولا يرونها بأعينهم، لأنهم يسحبون على وجوههم. وقال مقاتل: يعني: يستخفون بالنظر إليها، يعني: إلى النار قال القتبي: يعني:
غضوا أبصارهم من الذل، وقال بعضهم: مرة ينظرون إلى العرش بأطراف أعينهم ماذا يأمر الله تعالى بهم، ومرة ينظرون إلى النار.
وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني: المؤمنين المظلومين إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ يعني: يظلمون غيرهم، حتى تصير حسناتهم للمظلومين، فخسروا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ قال بعضهم: هذه حكاية كلام المؤمنين في الآخرة، بأنهم يقولون ذلك، حين رأوا الظالمين، الذين خسروا أنفسهم. وقال بعضهم: هذه حكاية قولهم في الدنيا، فحكى الله تعالى قولهم، وصدقهم على مقالتهم فقال: أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ يعني: دائم وقال بعضهم هذا اللفظ، لفظ الخبر عنهم، والمراد به التعليم، أنه ينبغي لهم يقولوا هكذا يعني:
يصبروا على ظلمهم.
قوله تعالى: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يعني: لا يكون للظالمين يوم القيامة مانع يمنعهم من عذاب الله يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: يمنعونهم من عذاب الله وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ يعني: يضله الله عن الهدى فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ إلى الهدى من حجة. ويقال: ما له من حيلة.