للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ يعني خرجت من منزلك بالصباح. ويقال: من عند أهلك، وهي عائشة رضي الله عنه تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ يعني تهيء للمؤمنين مَقاعِدَ لِلْقِتالِ يعني مواضع للحرب. قال الكلبي: هو يوم أحد. وقال مقاتل: هو يوم الخندق وَاللَّهُ سَمِيعٌ لدعائك عَلِيمٌ بأمر الكفار إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ يعني أرادت وأضمرت طائفتان من المسلمين. وهما: حيا بني حارثة، وبني سلمة من الأنصار أَنْ تَفْشَلا يعني أن تَجْبُنَا عن القتال مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم وترجعا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما أي ناصرهما وحافظهما حيث لم يرجعا، لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلم خرج من المدينة يوم أُحد، ومعه ألف رجل، فرجع عبد الله بن أبي ابن سلول مع ثلاثمائة من المنافقين، ومن تابعهم، فدخل الفشل في قبيلتين من الأنصار، وهم المؤمنون، فأرادوا أن يرجعوا، فحفظ الله تعالى قلوبهم، فلم يرجعوا، فذلك قوله تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما أي حافظ قلوبهما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ يعني على المؤمنين أن يتوكلوا على الله وهذه كلها مِنَنٌ ذكرها الله لنبيّه صلّى الله عليه وسلم، ليعرف ويشكر الله تعالى، ويصبر على ما يصيبه من الأذى.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٢٣ الى ١٢٥]

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)

ثم ذكَّرهم أمر بَدْر فقال تعالى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ أي أعانكم الله ببدر وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ يعني قليلة، فَاتَّقُوا اللَّهَ يعني: اعرفوا هذه النعمة، واتقوا الله ولا تعصوه لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي لكي تشكروا الله. إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ يعني يوم أُحد أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ من السماء. يقول الله تعالى: بَلى إِنْ تَصْبِرُوا مع نبيّكم، وَتَتَّقُوا معصيته بالهزيمة وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يعني العدو، يأتوكم من وجوههم يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ يعني مُعلمين بالصوف الأبيض في نواصي الخيل، وفي أذنابها عليهم البياض، قد أَرْخَوْا أطراف العمائم بين أكتفهم فأنزل الله تعالى عليهم يوم بدر ثلاثة آلاف، ووعد لهم يوم أُحد خمسة آلاف. ولكنهم لما عصوا وتركوا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجعوا عنهم، ولو أنهم صبروا لنزلت عليهم.

قرأ عاصم، وابن كثير، وأبو عمرو: مُسَوِّمِينَ بكسر الواو والباقون بالنصب ومعناهم قريب. وهو: إرخاء أطراف العمائم بين الأكتاف وهذا كما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال يوم بدر: «تَسَوّمُوا فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ قَدْ تسوّمت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>