قوله عز وجل: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ. قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر تَشَقَّقُ بتشديد الشين، لأن أصله يتشقق، فأدغم إحدى التاءين في الشين. وقرأ الباقون بالتخفيف، وهذا مثل الإختلاف في قوله تسئلون فقال: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ يعني: عن الغمام، والغمام: هو شيء مثل السحاب الأبيض فوق سبع سموات، كما روي في الخبر:«أن دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام» ، يعني: تتشقّ السماء، ويظهر بالغمام وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا. قرأ ابن كثير وننزل الملائكة بنونين ونصب الهاء، ومعناه: أن الله تعالى يقول: نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ وقرأ الباقون وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ على ما فعل ما لم يسم فاعله، معناه: أن الله تعالى ينزل ملائكة السموات.
وروي في الخبر: «أنه تشقق سماء الدنيا فينزل ملائكة سماء الدنيا، بمثلَيْ من في الأرض من الجن والإنس. ويقول لهم الخلائق: أفيكم ربنا؟ يعني: هل جاء أمر ربنا بالحساب؟
فيقولون: لا، وسوف يأتي. ثم تنزل ملائكة السماء الثانية بمثلي ما في الأرض من الملائكة والإنس والجن، ثم تنزل ملائكة كل سماء على هذا التضعيف حتى تنزل ملائكة سبع سموات عليهم السلام، فيظهر الغمام، وهو كالسحاب الأبيض فوق سبع سموات، ثم ينزل بالأمر بالحساب، فذلك قوله: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا ويقال: الغمام الذي قال في سورة البقرة: فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ.
ثم قال عز وجل: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وفي الآية تقديم، ومعناه: الملك يومئذ الحق للرحمن الحق صفة الملك، والمعنى: الملك الذي هو الملك حقاً ملك الرحمن، لأنه لا يدعي الملك يومئذ أحد. ويقال: الحق يومئذ الملك الخالص. ويقال: يعني: الملك الصدق.
ثم قال تعالى: وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً يعني: شديداً. وفي الآية دليل أن ذلك اليوم يكون على المؤمنين يسيراً، وهذا كما قال في آية أخرى: عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر: ١٠] .