للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها يعني: كأن لم يعمروا ولم يكونوا فيها، أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ يعني: بعدوا من رحمة الله، كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ من رحمته. وروى أبو صالح، عن ابن عباس، قال: «لم تعذب أمتان بعذاب واحد، إلا قوم شعيب بن ذويب وصالح بن كاثوا، صاح بهم جبريل فأهلكهم.

[سورة هود (١١) : الآيات ٩٦ الى ٩٩]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩)

قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا التسع، وَسُلْطانٍ مُبِينٍ يعني: حجة بيّنة، إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ يعني: قومه، فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ يعني: أطاعوا قول فرعون وقومه.

وطاعتهم حين قال: مَآ أُرِيكُمْ إِلَّا مَآ أَرى [غافر: ٢٩] فأطاعوه في ذلك حين قال لهم: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص: ٣٨] ، فأطاعوه وتركوا أمر موسى عليه السلام. قال الله تعالى: وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يعني: ما قول فرعون بصواب.

قوله تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ يقول: يتقدم أمام قومه يوم القيامة وهم خلفه، كما كانوا يتبعونه في الدنيا، ويقودهم إلي النار، فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ يقول: أدخلهم النار، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ يقول: بئس المدخل المدخول، يعني: بئس المصير الذي صاروا إليه.

قوله تعالى: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً يعني: جعل عليهم اللعنة في الدنيا، وهو الغرق، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لعنة أُخرى وهي النار، بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ يعني: اللعنة على أثر اللعنة، ومعناه: بئس الغرق وزفرة النار، ترادفت عليهم اللعنتان: لعنة الدنيا الغرق، ولعنة الآخرة النار.

وقال القتبي: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ يعني: بئس العطاء المعطى، يقال: رفدته أي: أعطيته، وقال الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء، وأسندت به شيئاً فقد رفدته. وقال قتادة في قوله:

يَقْدُمُ قَوْمَهُ يعني يمضي بين أيديهم، حتى يهجم بهم على النار. وفي قوله: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ قال: وزيدوا بها اللعنة في الآخرة، على اللعنة في الدنيا.

[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٠ الى ١٠١]

ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١)

قوله تعالى: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى يعني: هذا الذي وصفت لك وقصصت عليك من أخبار الأمم، والقرون الماضية، نَقُصُّهُ عَلَيْكَ يعني: ينزل جبريل، ليقرأ عليك ليكون فيها دليل نبوتك، مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ يعني: من تلك القرى قائم، ومنها ما هو حصيد. والقائم،

<<  <  ج: ص:  >  >>