قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ، أي تصدقوا. قال بعضهم: أراد به الزكاة المفروضة. وقال بعضهم: صدقة التطوع. ثم بيّن لهم أن الدنيا فانية وأنه في الآخرة لا ينفعهم شيء إلا ما قدموه. قال تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ، يقول: لا فداء فيه وَلا خُلَّةٌ يعني الصدقة وهذا كما قال في آية أخرى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف: ٦٧] . وَلا شَفاعَةٌ للكافرين كما يكون في الدنيا.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ بالنصب وكذلك في سورة إبراهيم:«لاَ بَيْعَ فِيهِ وَلاَ خِلاَلَ» وقرأ الباقون بالضم مع التنوين. ثم قال تعالى عز وجل:
وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ أنفسهم. والظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه. وكان المشركون يقولون: الأصنام شركاؤه وهم شفعاؤنا عند الله فوحد الله نفسه.
فقال عز وجل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ يقول: لا خالق ولا رازق ولا معبود إلا هو. ويقال: الإثبات إذا كان بعد النفي، فإنه يكون أبلغ في الإثبات، فلهذا قال: اللَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ فبدأ بالنفي ثم استثنى الإثبات، فيكون ذلك أبلغ في الإثبات. الْحَيُّ الْقَيُّومُ، يقول: الحي الذي لا يموت، ويقال: الحي الذي لا بدئ له، يعني لا ابتداء له الْقَيُّومُ، يعني القائم على كل نفس بما كسبت، ويقال: القائم بتدبير أمر الخلق في إنشائهم ورزقهم ومعنى القائم: هو الدائم.
لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ روي عن علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- أنه قال:
السنة والنوم، كلاهما واحد، ولكنه أول ما يدخل في الرأس يقال له: سنة ويكون بين النائم واليقظان، فإذا وصل إلى القلب صار نوماً. ويقال: معناه: أنه ليس بغافل عن أمور الخلق، فيكون النوم على وجه الكناية. وقال بعضهم هو على ظاهره أنه مستغن عن النوم.