للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجعون من الأسواق فأخبر الله تعالى بما يلقون في النفخة الأولى ثم أخبر بما يلقون في النفخة الثانية.

يعني: إذا بعثوا من قبورهم بعد الموت فذلك قوله: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ من القبور إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ يعني: يخرجون من قبورهم أحياء. وكان بين النفختين أربعين عاماً في رواية ابن عباس. وقيل: أكثر من ذلك. ورفع العذاب عن الكفار بين النفختين. فكأنهم رقدوا. فلما بعثوا قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا يعني: من أيقظنا من منامنا. قال: فيقول لهم الحفظة من الملائكة هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ على ألسنة الرسل وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ بأن البعث حق. ويقال: إن المؤمنين هم الذين يقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ بأن البعث كائن.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥٣ الى ٥٨]

إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ (٥٧)

سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)

ثم قال عز وجل: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ قال الكلبي: يعني: في الآخرة. وقال مقاتل: في بيت المقدس لحسابهم.

ثم قال: فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً يعني يوم القيامة لا تنقص نفس مؤمنة، ولا كافرة، من أعمالهم شيئاً وَلا تُجْزَوْنَ يعني: ولا تثابون إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من خير أو شر.

ثم قال: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ يعني: يوم القيامة في شغل مما هم فيه. أي: عن الذي هم فيه فاكهون. يعني: ناعمين. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو فِي شُغُلٍ بجزم الغين. وقرأ الباقون: بالضم. وهما لغتان. يقال: شغْل وشغُل مثل عُذْر وعذُر وعمْر وعمُر. قرأ أبو جعفر المدني: فكهون بغير ألف، وقراءة العامة فاكِهُونَ بالألف. فمن قرأ بغير ألف يعني: يتفكهون. قال أبو عبيد: يقال: للرجل إذا كان يتفكه بالطعام، أو بالشراب، أو بالفاكهة، أو بأعراض الناس، إن فلاناً يتفكه. ومنه يقال للمزاحة فكاهة. ومن قرأ بالألف يعني: ذوي فاكهة. وقال الفراء: فاكهة وفكهة لغتان، كما يقال حذر وحاذر. وروي في التفسير فاكِهُونَ يعني: ناعمون. وفكهون معجبون. وقال الكلبي ومقاتل في قوله: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الآية يعني: شغلوا بالنعيم في افتضاض الأبكار العذارى عن

<<  <  ج: ص:  >  >>